رسالة السلام رفيق جديد
عدد الرسائل : 4 الدولــــــــــة : 0 دعــــــــاء : رسائل لكل العباد : <!--- MySMS By AlBa7ar Semauae.com --><form method="POST" action="--WEBBOT-SELF--"> <!--webbot bot="SaveResults" u-file="fpweb:///_private/form_results.csv" s-format="TEXT/CSV" s-label-fields="TRUE" --><fieldset style="padding: 2; width:208; height:104"> <legend><b>My SMS</b></legend> <marquee onmouseover="this.stop()" onmouseout="this.start()" direction="up" scrolldelay="2" scrollamount="1" style="text-align: center; font-family: Tahoma; " height="78">$post[field5]</marquee></fieldset></form><!--- MySMS By AlBa7ar Semauae.com --> نقاط : 0 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 10/04/2007
| موضوع: تابع شرح الحديث الشريف : رياض الصالحين :باب فضل قراءة القران الأربعاء أبريل 11, 2007 11:39 pm | |
| ( سورة الفلق )
ولكن علماء الحديث وجهوا هذه الكلمة في هذا الحديث على أنها الغبطة ، والغبطة إذا رأيت أخاك متعلمًا لكتاب الله يجب أن تغار منه ، يجب أن تغبطه ، أن تبارك له هذا التعلُّم وأن تتمنى أن تكون مثله ، هذه غبطة ، والغبطة مطلوبة .
((لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ)) .
(متفق عليه)
إذا كان هناك شخصيتان في المجتمع مرموقتان ، تشرئب إليها الأعناق ، تطمح إليها الأبصار ، إذا كان في المجتمع شخصيَّتان يمكن أن تكون هاتان الشخصيتان مرموقتين ، معظمتين ، مبجلتين ، محببتين ، يمكن أن نغبط هاتين الشخصيتين ، وهما رجل علمه الله القرآن ، فهو يعلمه آناء الليل وأطراف النهار ، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وأطراف النهار .
فلذلك :
الزمن يمشي ، حركة الزمن تعني أنك خاسر ، لأنه كلما مضى يوم اقتربت النهاية ، والنهاية تعني انتهاء اللذائذ ، الدنيا فيها متاعب ، فيها لذائذ ، فيها مسرات ، فيها طعام ، فيها شراب ، فيها زوجة ، فيها أولاد ، فيها وجاهة ، فيها مكانة اجتماعية ، فيها أشياء كثيرة ، فيها رحلات ، فيها سياحات ، فكلما مرَّ عقرب الزمن اقتربت من النهاية ، إذاً الزمن ليس في صالحك ، إذاً تحرك الزمن يعني أنك في خسارة ، شخص ذهب إلى مكان جميل ، كلما انقضى يوم انقضى بِضْعٌ من هذه الرحلة ، واقتربت النهاية ، فربنا عزَّ وجل قال :
علاقتك مع الزمن علاقة خسارة ، حركة عقارب الساعة تعني أنك في خسارة ، تعني أنك تقترب من النهاية ، تعني أن العمر بدأ بالتناقص ، يعني الزمن هو العد التنازلي ، المركبة الفضائية قبل أن يطلقوها يجرُون ما يسمى بالعدّ التنازلي ، يدققون قطعةً قطعة في المركبة ، فإذا كانت تامة وجاهزة ، يقولون مثلاً : إن في المركبة ثلاثة آلاف قطعة ، يفحصون القطعة رقم ثلاثة آلاف جاهزة ، ألفين وتسعمئة وتسعة وتسعين جاهزة ، ألفين وتسعمئة وثمانية وتسعين ، وهكذا ، هذا اسمه العد التنازلي ، إلى أن يصلوا إلى الصفر ، وهو يعني إطلاق المركبة ، فأنت مع الزمن في عدٍ تنازلي ، لو فرضنا أن إنسانًا مكتوبٌ له عند الله أن يعيش ستين عامًا ، فهناك عدٌّ تنازلي ، أيام بالتقويم ، يضعون رقمًا مع اليوم ، وهذا الرقم من العام ، وفي أيام يضعونها أرقام متعاكسة ، واحد كانون الثاني يضعون الواحد ، اثنينِ اثنين ، ثلاثةٍ ثلاثة ، رقم تسعين ، خمسة وتسعين ، يعني مضى من هذا العام خمسٌ وتسعون يومًا ، أحياناً بالعكس العدّ تنازلي ، أول يوم من شهر كانون الثاني يضعون ثلاثمائة وخمسة وستين ، اثنين كانون الثاني ثلاثمائة وأربعة وستين ، فإما أن تقول : كم من يوم مضى في هذا العام ؟ أو كم يوم بقي منه ؟ فأنت مع الزمن في عد تنازلي ، وكلما استيقظتَ صباحاً مضى يوم ، نقص عمره يومًا ، هذا هو العد التنازلي ، فربنا عزَّ وجل قال :
هؤلاء مستثنون من هذه الخسارة ، إذا كان لك في كل يوم تعليم الناس القرآن ، أو إنفاق المال ، أو عمل صالح ، فأنت لست في خسارة .
إذاً عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ)) .
(متفق عليه)
بالمناسبة ، رجل آتاه الله القرآن ، يقرأه قراءةً صحيحة ، شيء جميل ، إذاً هو يعلم الناس التجويد ، هذا عمل جيد جداً ، إنسان آتاه الله معانيه إذاً هو يعلم الناس تفسيره ، إنسان آتاه الله أن يطبقه ، وأن يدعو الناس إلى تطبيقه ، فالنبي عليه الصلاة والسلام جعل هذا الحديث مطلقاً: ((رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ)) .
من أين أُوتيت القرآن فأنت رابح ؛ قرأته فأنت رابح ، حفظته فأنت رابح ، جوَّدته فأنت رابح ، فهمته فأنت رابح ، درَست علومه فأنت رابح ، فسَّرته فأنت رابح ، طبَّقته فأنت رابح ((رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ)) .
المطلق على إطلاقه .
الحديث الثالث : عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إِنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ)) .
(رواه الترمذي وقال : قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ)
بيتٌ خربٌ مهجور ، تشبيهٌ رائع من النبي عليه الصلاة والسلام ، تجد كل ثقافته معلومات حياتية ؛ هكذا حدث ، هكذا قال فلان ، هكذا قيل ، بعيد عن القرآن الكريم ، أما إذا كان له وعاء مشحون بالمعلومات الدنيوية ، الأسعار ، الفُرَص ، المناسبات ، اللقاءات ، أخبار المجتمع ، أسعار البيوت ، أسعار الأراضي ، الأخبار العالمية ، يتَّبعها تماماً ، أما إذا أراد أن يقرأ آيةً واحدة لا يستطيع ، هذا بيتٌ خرب ، لأنه إذا جاء ملك الموت كل هذه المعلومات لا تعنينا ، هذه عملةٌ زائفة ليست رائجة عند الموت ، لكن الذي يقرأ القرآن ، ويفهمه ، ويحفظه ويفسِّره ، ويعمل به هذه عملة رائجة عند الموت ، فالنبي عليه الصلاة والسلام يحذرنا أن هذا الذي ليس في جوفه شيءٌ من القرآن كالبيت الخرب .
هناك موضوع إن شاء الله في الدرس القادم سنبحثه : أن الإنسان إذا قرأ القرآن ، وحفظه في مرحلةٍ من حياته ، ثم أهمله ، فهذا ذنبٌ عظيم ، فعلى الإنسان أن يراجع محفوظاته القرآنية من حين لآخر ، وإلا عاتبه الله عزَّ وجل ، وحاسبه ، وآخذه .
* * * * *
عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنْ الْإِبِلِ فِي عُقُلِهَا)) .
(مسلم)
إذا أهمل الإنسان محفوظاته القرآنية ربما ضاعت منه ، ووقع في إثم شديد ، وله موضوعٌ آخر إن شاء الله تعالى نأخذه في درسٍ قادم .
* * * * *
وردني سؤال في الدرس الماضي أحب أن أجيب عنه كما وعدت السائلتين .
السؤال هو : هل هناك من مخالفةٍ شرعية لامرأةٍ تزجج حواجبها إذا كانت كثيفة ؟
هذا موضوع مطروح سابقاً ، وموضوعٌ يحتاج إلى تفصيل ، الإجابة عن هذا السؤال: من الغلو في الزينة التي حرمها الإسلام النمص ، والنمص هو نتف الشعر ، هذا من الغلو في الزينة التي حرمها الإسلام ، والمراد بالنمص إزالة شعر الحاجبين لترفيعهما أو تسويتهما ، لكن الذي أجاب عن هذا السؤال يتأكد حرمة النمص إذا كان النمص شعاراً للخليعات من النساء .
في عهد النبي عليه الصلاة والسلام كان بعض النسوة من الخليعات ، البغايا ، كان هؤلاء النسوة ينتفن حواجبهن ، فإذا فعلت امرأةٌ مسلمةٌ هذا الفعل فإنما تشبَّهت بهذه النسوة الخليعات المنحرفات البغايا ، لذلك تتأكد حرمة النمص إذا كان شعاراً للخليعات من النساء .
وقال بعض علماء الحنابلة : يجوز الحف ، فالحف شيء ، والنمص شيءٌ آخر ، حف الشارب ، وحف الحواجب يعني ترقيق الحواجب ، إذا كان في الحاجب كثافة تؤذي العين ، يقول بعض علماء الحنابلة : يجوز الحف ، فيقال : حفت المرأة وجهها أو زينته بإزالة الشعر.
وأخرج الطبري عن امرأة أبي إسحاق أنها دخلت على عائشة ، وكانت شابَّة فقالت : المرأة تحف جبينها لزوجها ؟ قالت : أميطي عنكِ الأذى ما استطعتِ ، عندنا مبدأ ثابت أن على المرأة أن تتزين لزوجها ، وهذا من أولى واجباتها ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ((فليتزوج فإنه أغض للبصر )) .
(من مسند الإمام أحمد )
ما معنى أغض للبصر ؟ أن الزوج إذا رأى امرأته بشكلٍ مُرضٍ ومقبول ، من غير شيء منفّر ، فهذا الوضع يعينه على غض بصره ، والمؤمن مأمور بعض بصره في كل الحالات ، ولكن الذي يعينه أكثر ، الذي يدعوه إلى غض بصره أن تكون زوجته كما يريد ، فإذا تزيَّنت المرأة لزوجها فقط بشكلٍ أنه يرضى عن زينتها ، فهذا عمل من صلب الدين للمرأة ، وهي مأمورةٌ به ، ومحاسبةٌ عن التقصير به ، لكن حينما تأتي امرأةٌ مسلمة لتقلِّد الخليعات من النساء ، المنحرفات ، الفاجرات ، السافرات، تقلد هذه المرأة المسلمة هؤلاء النسوة الخليعات ، فإن في هذا حطاً لمكانتها الإسلامية ، أما إذا شاع الشيء بين الناس ، وكان مقبولا عند العفيفات الطاهرات ، وكان يرضي زوجها ذلك ، وبدل أن تنتف الشعر ، إذا زججت حواجبها وحفتهم ، فهذا شيءٌ مقبولٌ كما جاء في المذهب الحنبلي .
عندنا كليات في الفقه ، من أساسيات الفقه أن المرأة مطالبةٌ بالتزين لزوجها .
* * *
سؤال رقم اثنين : صبغ الشعر ، ويتعلق بموضوع الزينة صبغ الشعر في الرأس ، فقد ورد أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى يمتنعون عن صبغ الشيب وتغييره ، ظناً منهم أن التجميل والتزيُّن ينافي التعبُّد والتدين ، والإسلام على عكس ذلك ، النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( تنظفوا واستاكوا ، تطيبوا تزينوا لنسائكم)) .
( من الجامع الصغير : عن " علي ")
هذا مطلوب ، والمرأة أيضاً مطالبةٌ أن تتزين لزوجها ، وفي آية دقيقة بهذا المعنى :
( سورة البقرة : من آية " 228 " )
لها حقٌ عند الرجل كما له حقٌ عندها ، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ)) .
إذاً صبغ الشعر لا شيء عليه ، بل هو مستحبٌ ، وهذا الأمر للاستحباب كما يدل عليه فعل الصحابة ، فقد صبغ بعضهم كأبي بكرٍ وعمر ، وترك بعضهم مثل عليٍ وأبي بن كعب وأنس .
الشيء الذي أحب أن أذكره هو : أن الإنسان إذا صبغ شعره ليغشَّ مخطوبته ، أو أن المرأة إذا صبغت شعرها لتغشّ خاطبها ، فهذا الشيء نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام ، فإذا كان فيه عملية غش وتدليس فهذا لا يجوز ، أما إذا كانت عملية تزيين للزوج ، فمسموحٌ بصبغ الشعر للرجال والنساء معاً ، كما ورد في هذه الأحاديث .
* * * * *
والآن ، إلى بعض سيرة أصحاب رسول الله رضوان الله عليهم
اليوم سيدنا أسيد بن حضير بطلٌ يوم السقيفة ، هذا رجل من زعماء الأنصار ، جلس أسيد بن حضير وسعد بن أبي معاذ ، وكانا زعيمي قومهما يتشاوران في أمر هذا الغريب الذي جاء من مكة يسفه دينهما ، ويدعو إلى دينٍ جديد ، مَن هو هذا الغريب الذي جاء من مكة يسفه دين أهل المدينة ، ويدعو إلى دينٍ جديد ؟ إنه مصعب بن عمير ، هذا الصحابي الجليل الذي أرسله النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة سفيراً له ، وهو أول سفيرٍ في الإسلام .
قال سعدٌ لأسيد : انطلق إلى هذا الرجل فازجره ، وحمل أسيدٌ حربته ، وأغذ السير إلى حيث كان مصعب في ضيافة أسعد بن زرارة من زعماء المدينة الذين سبقوا إلى الإسلام ، سيدنا مصعب بن عمير سفير النبي عليه الصلاة والسلام ، أوفده النبي إلى المدينة ليعلم الناس الإسلام ، ونزل في ضيافة أسعد بن زرارة ، وجاء الآن أسيد بن حضير ليزجره عن هذه الدعوة .
وعند مجلس مصعب وأسعد بن زرارة رأى أسيد جمهرةً من الناس ، تصغي في اهتمامٍ للكلمات الرشيدة التي يدعوهم بها إلى الله مصعب بن عمير ، وفاجأهم أسيد بغضبٍ وثورةٍ ، وقال له مصعب ـ دققوا في هذا اللفظ ، من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف ، المسلم لطيف ، المسلم له ظلٌ خفيف ، قال له مصعب :
ـ هل لك في أن تجلس فتستمع ، فإن رضيت أمراً قبلته ، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره .
كلام منطقي ، اسمع يا أخي ، الإنسان قبل أن يرفض عليه أن يسمع، قبل أن يهاجم عليه أن يتحقق ، قبل أن يشتم عليه أن يتبصر ، قال له : يا أخي اجلس فاستمع ، فإن رضيت أمراً قبلته ، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره ، كان أُسَيْد رجلا مستنير العقل ، ذكي القلب ، حتى لَقَّبه أهل المدينة بالكامل ، وهو لقبٌ كان يحمله أبوه من قبله ، فلما رأى مصعباً يحتكم به إلى المنطق والعقل ، غرس حربته في الأرض ، وقال لمصعب :
ـ لقد أنصت ، هاتِ ما عندك .
الموقف الآن ، سيدنا مصعب بن عمير كان منطقيًا ، وأديبًا ، ولطيفًا ، هكذا الدعوة إلى الله ، يا أخي استمع ، قبل أن تهاجم اقرأ ، قبل أن ترفض استمع إلى هذا الشريط ، تعال استمع إلى هذا الدرس ، اسمع يا أخي قبل أن تحكم غيابياً ، قبل أن تتهم ، قبل أن تهاجم ، قبل أن تجرِّح ، قبل أن تهرف في ما لا تعرف تحقق ..
( سورة الحجرات : من آية " 6 " )
قال له : والله لقد أنصت ، هاتِ ما عندك .
وراح مصعب يقرأ عليه من القرآن ، ويفسر له دعوة الدين الجديد ، الدين الحق الذي أُمِرَ محمدٌ عليه الصلاة والسلام بتبليغه ، يقول الذين حضروا هذا المجلس : والله لقد عرفنا في وجه أُسيد الإسلام قبل أن يتكلم، عرفناه في إشراقه وتسهُّله .
أحيانًا تجد وجهًا يتألق إذا سمع آية ، تفسير آية ، تفسير حديث ، تأثر فتألق الوجه ، أصبحت العينان زئبقيتين ، هناك إشراق بوجهه ، وابتسامة الرضا ، فقالوا : والله لقد عرفنا في وجه أسيد الإسلام قبل أن يتكلم ، عرفناه في إشراقه وتسهله ، ولم يكد مصعب ينهي حديثه حتى صاح أسيدٌ مبهوراً : ما أحسن هذا الكلام ، وما أجمله .
يا إخوان ، الحق مثل الغذاء تماماً ، الحق كلام ربنا عزَّ وجل ، القرآن مأدبة الله عزَّ وجل ، فإذا أكل إنسان من مأدبة الله قال :
ـ والله ما أحسن هذا الكلام وأجمله ، كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين ؟ ماذا أفعل ؟ انشرح قلبه .
ـ فقال له مصعب : تطهر بدنك وثوبك ، وتشهد الشهادة الحق ، ثم تصلي .
طبعاً الصحابي الجليل سعد بن معاذ كان على دين آبائه ، فأرسل أسيدٌ بن حضير كي يزجر سيدنا مصعب بن عمير عن دعوته ، وهو ينتظره ، الآن رجع أسيد بن حضير إلى سعد بن معاذ ، نظر إلى وجهه ، وقال : أقسم لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به ، قبل أن يتكلم ، قبل أن ينطق بكلمة وجد وجهًا مشرقًا فيه راحة ، فيه طمأنينة ، لأن الحق مسعد ، فقد ذهب حانقاً ، حاقداً ، متألماً فيه بغيضة ، وعاد بوجه مشرق ، قال :
ـ والله أقسم لقد جاءكم أسيد يغير الوجه الذي ذهب به .
ـ فقال أسيد : أجل . نعم .
هناك شيء بسيدنا أسيد ، كان ذكيًّا جداً ، لو قال لسيدنا سعد بن معاذ : اذهب فأسلم كما أسلمت ، ربما لا يرضى ، قد يحنق ، قد يهاجمه ، فأراد بأسلوبٍ ذكي أن يجره إلى سيدنا مصعب ، الآن أراد سيدنا أسيد من سعد بن معاذ أن يجره إلى سيدنا مصعب ، وكان مصعب ـ كما ذكرنا ـ ينزل ضيفاً على أسعد بن زرارة ، وأسعد بن زرارة هو ابن خالة سعد بن معاذ ، هناك قال أسيد لسعد : لقد حُدِّثت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه ، وهم يعلمون أنه ابن خالتك ، يريد سحبه لعند مصعب .
وقام سعدٌ تقوده الحمية والغضب ، وأخذ الحربة ، وسار مسرعاً إلى حيث أسعد ومصعب ومن معهما من المسلمين ، ولما اقترب من المجلس لم يجد ضوضاءً ، ولا لغطاً ، وإنما هي السكينة تغشى جماعةً يتوسَّطهم مصعب بن عمير يتلو آيات الله في خشوع ، وهم يصغون إليه في اهتمامٍ عظيم ، هناك أدرك الحيلة التي نسجها له أسيد لكي يحمله على السعي إلى هذا المجلس .
أحياناً ـ هذه لها معنى ـ يكون الإنسان متفانيًا في الحق ومندفعًا ، لكن الله ما آتاه القدرة على إقناع الآخرين ، القدرة على الإقناع ، القدرة على البيان ، القدرة على التفصيل ، التوضيح هذه قدرة الله عزَّ وجل يؤتيها من يشاء من عباده ، فإذا أراد المسلم أن يهدي الآخرين وليس عنده إمكانية ، عنده أسلوب واحد هو أن يأتي بهم إلى المسجد ، أقنعه أن يأتي ليصلي معك العشاء في المسجد أو المغرب ، فسيدنا أسيد ماذا فعل مع سيدنا سعد ؟ جلبه إلى المسجد ، وهنا أدرك الحيلة التي نسجت له ، ولقد صدقت هذه الفراسة ، فكما كاد سعد يسمع حتى شرح الله له صدره للإسلام ، وأخذ مكانه بسرعةٍ بين المؤمنين .
سيدنا مصعب جاء للمدينة سفيرًا ، آمن به جماعةٌ كُثُر ، وهؤلاء الجماعة أضيف إليهم سيِّدان من سادة الأنصار ؛ أسيد بن خضير ، وسعد بن معاذ .
عندنا مشكلة ، هذا ابن أبيّ زعيم المنافقين ، هذا الذي كره النبي عليه الصلاة والسلام ، وتحدث عنه بما لا يرضي الله عزَّ وجل ، وكان خصماً عنيداً له ، السبب أن هذا الرجل كان على وشك أن يتوَّج ملكاً على المدينة ، فلما جاء النبي عليه الصلاة والسلام ذهب ملكه ، فصار عنده حقد ، أنا أعجبني من موقف سيدنا أسيد أنه لما قال هذا المنافق الكبير أو زعيم المنافقين : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، قال أسيد : فأنت والله يا رسول الله تخرجه منها إن شاء الله ، هو والله الذليل وأنت العزيز .
كأنه طمأن النبي ، والتمس له العذر ، قال له : يا رسول الله ارفق به ، فو الله لقد جاءنا الله بك ، وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه على المدينة ملكاً ، فهو يرى أن الإسلام قد سلبه ملكاً ، هذا الكلام لطيف مع رسول الله ، يعني هذا الرجل يعاديك ، وأنت الأعز ، وهو الأذل ، لكن له وضع نفسي خاص ، هذا كان على وشك أن يكون ملكًا ، فلما جاء الله بك خسر ملكه بهذا الإسلام ، كأنه أعطاه تبريرًا لطيفًا ، أو أعطاه شيئًا من العذر بهذا الموقف المعادي ، فالإنسان ليس له حق أن يؤجج ، له الحق أن يبرر ، المسلم يبرر ولا يؤجج ، عارضك شخص ، أو تكلم عليك ، وليس له حق في الكلام عليك ، هذا يسيء ، أنت أججته أكثر ، هذا له وضع خاص ، مزعوج من قضية ، إذا وجدت خصومة فالمفروض أن تهفف ولا تكبر ، تصغر الأمر ، هناك أشخاص يكبرون ، وأشخاص يخففون ، أما هذا الموقف فقد أعجبني ، قال : يا رسول الله ارفق به ، فو الله لقد جاءنا الله بك ، وإن قومك لينظمون له الخرز ليتوجوه على المدينة ملكاً ، فهو يرى أن الإسلام قد سلبه ملكاً .
آخر موقف لهذا الصحابي الجليل ، لما صار الخلاف بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام على الخلافة ، بعض الأنصار طالبوها لأنفسهم ، وبعضهم طالبوها لسيدنا الصديق ، ماذا قال أسيد ؟ خاطب الأنصار فقال : تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من المهاجرين ، فخليفته إذاً ينبغي أن يكون من المهاجرين ، ولقد كنا أنصار رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وعلينا اليوم أن نكون أنصار خليفته ، وكانت كلماته برداً وسلاماً في هذا المجلس ، لذلك سماه علماء السيرة ( بطل يوم السقيفة ) ، بهذه الطريقة اجتمع الشمل ، والتأم الجميع ، وبايعوا سيدنا الصديق . قال : أنتم الأنصار يجب أن تكونوا أيضاً أنصار خليفة رسول الله .
وتوفاه الله عزَّ وجل ، وقال وهو على وشك الموت : اصبروا حتى تلقوني على الحوض ، كان في ساعة بشرى من الله عزَّ وجل .
والحمد لله رب العالمين
* * * | |
|
elhocine المدير العام
عدد الرسائل : 1049 العمر : 115 الدولــــــــــة : 0 دعــــــــاء : رسائل لكل العباد : اعملوا فكل ميسر لما خلق له (حديث)
الإنسان بالتفكير والله بالتدبير نقاط : 1 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 04/04/2007
| موضوع: رد: تابع شرح الحديث الشريف : رياض الصالحين :باب فضل قراءة القران الخميس أبريل 17, 2008 9:42 pm | |
| | |
|