الإنسان قليل بنفسه، كثير بإخوانه.
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلُّها *** كفى المرء نبلاً أن تُعَدَّ معايبه.
من ذا الذي ما ساء قط *** ومن له الحسنى فقط .
تريد مبرأً لا عيب فيه *** وهل نارٌ تَفوح بلا دُخَان.
من طلب أخاً بلا عيب صار بلا أخ، ألا فانظر لإخوانك بعين الرضا.
فعين الرضا عن كلِّ عيبٍ كليلة *** ولكن عين السخطِ تُبْدي المساويا.
وكيف ترى في عين صاحبك القذى *** ويخفى قذى عينيك وهو عظيمُ.
بعض الإخوة ظلمة.. غير منصفين، يرون القذاة في أعين غيرهم، ولا يرون الجذع في أعينهم، فحالهم كقول القائل:
إن يسمعوا سُبّةً طاروا بها فرحاً *** مني وما يسمعوا من صالحٍ دفنوا.
صمٌ إذا سمعوا خيراً ذُكِرت به *** وإنْ ذُكرت بسوءٍ عندهم أَذِنوا.
إن يعلموا الخيرَ أخفوه وإن يَعلموا *** شراً أذاعوا وإن لم يعلموا كذبوا.
أما يستحي من يعيب الناس وهو معيب؟!
فطوبى لمن شغلته عيوبه عن عيوب غيره، وكان حاله
لنفسي أبكي لستُ أبكي لغيرها *** لنفسي عن نفسي من الناسِ شاغلُ
**والكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت،
والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأمانيّ
فلست بناجٍ من مقالةِ طاعنٍ *** ولو كنتَ في غارٍ على جبلٍ وعرِ.
ومن ذا الذي ينجو من الناسِ سالماً *** ولو غاب عنهم بين خافقتي نسر.
شجرة طيبة وشجرة خبيثة
لا خير ولا أفضل ولا أجمل ولا أحسن من كلمة طيبة:
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا[إبراهيم:24-25].
أُخيَّ إنَّ البرَ شيءٌ هينُ *** وجهٌ طليقٌ وكلامٌ لينُ
ليس لنا أن ننزل عن مستوى دعوتنا إلى التراشق برديء الكلام، ليس لنا أن ننزل إلى سفاسف الأمور، ولو حاول غيرنا جرَّنا إلى هذه الأمور،
ليكن تحركنا ذاتياً، فلا يحركنا غيرنا؛ لئلا نُجرَّ إلى معارك وهمية خاسرة
علينا ألا نغضب لأنفسنا، بل علينا أن نسمو بأنفسنا، عن كل بذيء، وعن كل ساقط.
لَو كلُ كلبٍ عَوى أَلقَمته حجراً *** لأَصبحَ الصخرُ مثقالاً بِدِينار.
ومنْ عاتبَ الجُهَال أتعب نفسه *** ومنْ لام مَنْ لا يعرف اللوم أفسدَا.
أحمد بن حنبل عليه رحمة الله في مجلسه وبين تلاميذه، ويأتي سفيه من السفهاء فيسبُّه ويشتمه ويقرعه بالسب والشتم،
فيقول طلابه وتلاميذه: يا أبا عبد الله ! رُدّ على هذا السفيه. قال: لا والله! فأين القرآن إذاً؟ (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً )[الفرقان:63]^
وقد نهى النبي عما يوغر الصدور ويبعث على الفرقة والشحناء فقال:
لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونواعباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث } [رواهمسلم].
وقال حاثاً على المحبة والألفة: ** والذي نفسي بيده لا تدخلواالجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا.. } [رواه مسلم]
وعندما سُئل النبي أي الناس أفضل؟ قال
: ** كل مخموم القلب صدوق اللسان }قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: ** هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد } [رواه ابن ماجه]
وسلامة الصدر نعمة من النعم التي توهب لأهل الجنة حينما يدخلونها
: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ[الحجر:47]
وسلامة الصدر راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة وهي من أسباب دخول الجنة.
الناس كطبق البيض!!!
يقول د. يحي إبراهيم اليحي: يمكنك أن تشبه الناس اليوم بطبق البيض، تقول ماأجمله وما أنعمه وما أحسنه ، لكن لايكاد يلتقي بعضه مع بعض فينهشم فتخرج الروائح الكريهة منه ،
وأنت تجد الناس ما داموا متباعدين
تقول ما أجمل أخلاقهم ، حتى إذاحدث أدنى احتكاك بينهم ظهرت الفضائح فلا يتحمل أحد من أحد شيئا أبدا .
-لابد من معرفة طبيعة الإنسان الأصلية من حيث هو
قال الله عز وجل : ((وخلق الإنسان ضعيفا )) (( وكان الإنسان عجولا )) (( خلق الإنسان من عجل)) (( وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا )) (( إن الإنسان لربه لكنود )) (( إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ,إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ,وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً)) والهلع هو شدة الجزع عند حلول المصائب، وشدة التعلق بالدنيا والإمساك لها عند حلول النعم ، خوفا على فواتها ونقصها .
((وكان الإنسان قتورا ))(( إنالإنسان لظلوم كفار )) (( وكان الإنسان أكثر شئ جدلا )) (( وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسا)) (( كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى )) (( ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور ، ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور ، إلا الذين صبرواوعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير ))
إذا كان الإنسان في طبيعته الأصلية بهذه الصفات
وهو لا ينفك عنها ويصعب تغيير نفسه فكيف يطلب من الناس أن يغيروا أخلاقهم معه؟!!!
وهذه الصفات لا تفارقه ولكنها تقل وتزداد وتظهر وتختفي أحيانا بحسب التربية والتزكية للنفس .
وهكذا ينبغي أن نقبل الآخرين .. على أنهم بشر يخطئون .
فعامل الناس على علاتهم
فلا تطلب من الآخرين عدم الخطأ .. وإنما اطلب منهم أن لا يستمروا في الخطأ إذا علموه
.
بكيت من عمروٍ فلمّا تركته ***وجرّبت أقواماً بكيت على عمرو!
قال النبى صلى الله عليه وسلم
(اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن)
الناس ليسوا ملائكة.. فتوقع منهم أسوأ شئ!!!
قال ابن حزم " توقع من الناس أسوأ شئ "
إن الذي يتعامل مع الناس بهذه النفسية يبقى رصيده رابحا أبدا من بداية يومه إلى نهايته
العلاقة القائمة بين الناس اليوم مبنية على انتظار أحسن المعاملة من المخلوق،
وهذا خطأ كبير تسبب في فصم العلاقات بينهم .
يقول ابن حزم : " إذا أحسنت إلى إنسان، فانتظر منه الإساءة " تربح دائما ،
فأولا : يكون إحسانك لله، وثانيا : إذا أساء لم تصب بصدمة نفسية، والثالثة : إذا لم يسئ فأنت رابح ، والرابعة : إذا أحسن فأنت رابح ، والخامسة : إذا كافأك فأنت رابح
كثيرا ما ينسى الناس أن الإنسان مجبول على الجحود
" نسي آدم فنسيت ذريته وجحد آدم فجحدتذريته "
قال تعالى: ((ووصينا الإنسان بوالديه حسنا )) ((ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا)) ?
وهل يحتاج هذا الرجل مع كل هذا إلى الوصية برد الإحسان إلى الوالدين ؟ نعم . يحتاج ويحتاج ؛ لأن طبيعة الإنسان النسيان والجحود
فإذا كان هذا في شأن الوالدين
فما بالنا نحن ننتظر رد الإحسان القليل من فلان وفلان
وإذا لم يفعل انشلت حركتنا وأصبح هو حديثنا وقضيتنا
لا تكن كصاحب الزجاجة
لا تشغل قلبك بالتفاهات أو بمن سبك أو نال منك لأن أذاه عليك وحدك لا غير
مثلك كزجاجة نظيفة جاءها طفل فمسحها بيده المتسخة فغير من بهائها وجمالها والطفل لم يعر لذلك بالا ، فإن قمت بتنظيفها ثانية عشت مرتاح البال ، وإن تتبعت الطفل تشتمه أو تلطمه لامك الناس وعابوا عليك وبقيت زجاجتك على حالها وربما استغل الحدث آخر في غيابك فسرق بضاعتك
تقدم واعصر عمرك عصرا واستخلص منه كل خير ومصلحة تقدمها لنفسك في الآخرة ، واعلم أن مدة اليوم 1440 دقيقة ، واكسب نفسك باستغلال جميع طاقاتك وقدراتك وإمكاناتك قبل أن تنزع منك إلى غيرك .
كفانا تنظيرا، ما دستورك في الحياة وهل بدأت بخطواته .. ؟؟؟
صاحب الهدف لا يلتفت إلى التفاهات
والطيار لا يرد على النيران الأرضية إذا كان أمامه هدف!!!
الغزالة أسرع من الضبع ، لكنها فى النهاية تقع بين أنيابه ، لأنها تكثر الالتفات، فتنبه !!!
لا تحفر قبرك بيديك !!!
تجد أكثر أمراض الناس اليوم وأخطرها من الضغط و السكر وتوابعهما بسبب أذى الخلق لهم باللسان أليس كذلك؟ فأين الخطأ؟
قال ابن حزم :" رأيت أكثر الناس - إلا من عصم الله وقليل ما هم - يتعجلون الشقاء والهم والتعب لأنفسهم في الدنيا ويحتقبون عظيم الإثم الموجب للنار في الآخرة بما لا يحظون معه بنفع أصلاً، من نيات خبيثة يضبون عليها من تمنى الغلاء المهلك للناس وللصغار، ومنلا ذنب له، وتمنى أشد البلاء لمن يكرهونه،
وقد علموا يقيناً أن تلك النيات الفاسدة لا تعجل لهم شيئاً مما يتمنونه أو يوجب كونه وأنهم لو صفوا نياتهم وحسنوها لتعجلوا الراحة لأنفسهم وتفرغوا بذلك لمصالح أمورهم، ولاقتنوا بذلك عظيم الأجر في المعاد من غير أن يؤخر ذلك شيئاً مما يريدونه أو يمنع كونه، فأي غبن أعظم من هذا الحال التي نبهنا عليها؟ وأي سعد أعظم من الحال التي دعونا إليها ).
وكثير من الناس اليوم يتورع عن أكل الحرام أو النظر الحرام ويترك قلبة يرتع فيمهاوي الحقد والحسد والغل والضغينة،
إن الانتقام للنفس يضر بك أكثر مما يضر خصمك.
رجل من أهل الجنة
ليس أهنأ للمرء في الحقيقة ولا أطرد لهمومه ولا أقر لعينه من أن يعيش سليم القلب بريئاً من وساوس الضغينة وثوران الأحقاد، ومستريحاً من نزعات الحقد الأعمى، فإن فساد القلب بالضغائن داء عياء، وما أسرع أن يتسرب الإيمان من القلب المغشوش كما يتسرب الماء من الإناء المثلوم.
عن أنس بن مالك قال: ( كنا جلوساً مع الرسول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة }
،فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه
فلما قام النبي تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت فقال: نعم،
قال أنس: وكان عبدالله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئاَ غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عزوجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر،
قال عبدالله غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبدالله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر، ولكن سمعت رسول الله يقول لك ثلاث مرار يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرار فأردت أن أوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله ؟
فقال: ما هو إلا ما رأيت
غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه.
فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق ) [رواه الإمام أحمد].
قال الشافعي:
لما عفوت ولم أحقد على أحـد *** أرحت نفسي من هم العداوات.
إني أحيّي عدوي عند رؤيتـه *** لأدفع الشر عني بالتحيــات.
وأظهر البشر للإنسان أبغضـه *** كما أن قد حشا قلبي محبـات.
الناس داء ،وداء الناس قربهم***وفي اعتزالهم قطـع للمودات.
فضل الأعداء علينا!!!
قال الله تعالى : " إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خيرلكم " .
يقول ابن حزم :إن الذي يسبك خير لك من الذي يمدحك .
فالذي يمدحك إما أن يمدحك بما فيك وهذا لم يقدم لك شيئا ،
وإما أن يمدحك بما ليس فيك فمن الخطأ أن تفرح بالكذب .
وأما الذي يسبك فإما أن تسمعه منه ويكون صادقا فهذا هدية تعدل فيها من سلوكك ،
وإما أن يكون كاذبا فحسنة لم تعملها ومن الخطأ أن تحزن على الكذب . وإما لا تسمعها فهذه حسنة كفيت شرها .
عداتي لهم فضل علي ومـنة *** فلا أبعد الرحمن عني الأعاديا.
هموا بحثوا عن زلتي فاجتنبتها *** وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا.
تنقية الأجواء قبل الحوار
يقول ابن القيم في الرسالة التبوكية :
"وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :
" فاعف عنهم واستغفرلهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله "
وقد تضمنت هذه الكلمات مراعاة حق الله وحق الخلق ، فإنهم إما أن يسيئوا في حق الله أو في حق رسوله ،
فإن أساءوا في حقك فقابل ذلك بعفوك عنهم ،
وإن أساءوا في حقي فاسألني أغفر لهم واستجلب قلوبهم ،واستخرج ما عندهم من الرأي بمشاورتهم ، فإن ذلك أحرى في استجلاب طاعتهم وبذل النصيحة ، فإذا عزمت فلا استشارة بعد ذلك ، بل توكل وامض لما عزمت عليه من أمرك ،فإن الله يحب المتوكلين .
فهذا وأمثاله من الأخلاق التي أدب الله بها رسوله وقال تعالى فيه : " وإنك لعلى خلق عظيم"
دعه يرجع بمسبته ولا تأخذها منه
قابل المسبة بالإهمال التام وعدم الاعتبار بها ،
تخيل ذلك الموقف من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام اليهود الذين دخلوا عليه ودعوا عليه بالموت (السام عليك يا محمد)
مع أنه سلطانهم ورسول الله وحاكم البلد وأمنهم على أنفسهم وهو قادر عليهم ويعلم أنهم يعلمون أنه رسول الله الله صلى الله عليه وسلم ، فهل استطاعوا أن يستفزوه كلا
بل قال : " وعليكم " الحديث وفيه عبر كثيرة
لأنك إن رددت عليها فكأنك قبلتها منهم فاستويتم فى الجهل
- يقول الشافعي :
ولقد أمر على اللئيم يسبني *** فمضيت ثمت قلت لا يعنيني .
إذا نطق السفيه فلا تجبه *** فخير من إجابته السكوت.
فإن كلمته فرجت عنه *** وإن أهملته كمدا يموت.
يكلمني السفيه بكل قبح *** وأكره أن أكون له مجيبا.
يزيد سفاهة وأزيد حلما *** كعود زاده الإحراق طيبا.
قال رجل لسفيان الثوري :يا قدري .
فقال : إن كنت قدريا فأستغفر الله ، وإن لم أكن قدريا فغفر الله لك .
يقول ابن القيم في الفوائد : " إذا خرجت من عدوك لفظة سفه فلا تلحقها بمثلها تلقحها ونسل الخصام نسل مذموم ."
ويقول أيضا : " حميتك لنفسك أثر الجهل بها ، فلو عرفتها حق معرفتها أعنت الخصم عليها "