اسلامنا اولا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اسلامنا اولا

اسلامنا اولا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 البرزخ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
elhocine
المدير العام
المدير العام
elhocine


ذكر عدد الرسائل : 1049
العمر : 115
الدولــــــــــة : 0
دعــــــــاء : البرزخ 15781610
رسائل لكل العباد : اعملوا فكل ميسر لما خلق له (حديث)


الإنسان بالتفكير والله بالتدبير
نقاط : 1
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/04/2007

البرزخ Empty
مُساهمةموضوع: البرزخ   البرزخ Emptyالجمعة يونيو 01, 2007 3:02 pm



البرزخ في كلام العرب هو الحاجز بين الشيئين ، قال تعالى ( وجعل بينهما برزخا) أي حاجزا ، والبرزخ في الشريعة: الدار التي تعقب الموت إلى البعث، فكل من مات من مؤمن أو كافر دخل في البرزخ، وتتكون دار البرزخ من عذاب القبر ونعيمه وعرض أرواح المؤمنين على الجنة ، وأرواح الكافرين على النار. وقال ابن القيم: عذاب القبر ونعيمه اسم لعذاب البرزخ ونعيمه، وهو ما بين الدنيا والآخرة، قال تعالى ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون )

كما يطلق أيضاعلى هذه المرحلة التي يمر بها الإنسان " القيامة الصغرى " ، فكل من مات فقد قامت قيامته ، ففي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رجال من الأعراب يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسألونه عن الساعة ، فكان ينظر إلى أصغرهم فيقول : ( إن يعش هذا، لا يدركه الهرم حتى تقوم عليكم ساعتكم ) ، قال ابن كثير : والمراد انخرام قرنهم ودخولهم في عالم الآخرة، فإن كل من مات فقد دخل في حكم الآخرة . كما يطلق على هذه المرحلة أيضا " الموت " وهو المتداول والشائع بين الناس، ووقت الموت من الأمور التي استأثر بعلمها الله سبحانه وتعالى ، حيث قال : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) وقال : ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)



عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ، فإن كان لا بد متمنيا فليقل : اللهم أحييني ما كانت الحياة خير لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي) رواه مسلم . وعن أنس أيضا أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه ، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله ، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا) رواه مسلم. وفي رواية البخاري ( لا يتمنين أحدكم الموت: إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا ، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب) وقوله : فلعله أن يستعتب، الاستعتاب طلب العتبى وهو الرضى وذلك لا يحصل إلا بالتوبة والرجوع عن الذنوب ، قال العلماء : الموت ليس بعدم محض ولا فناء صرف، وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته وحيلولة بينهما ، وتبدل حال وانتقال من دار إلى دار ، وهو من أعظم المصائب، وقد سماه الله تعالى مصيبة في قوله ( فأصابتكم مصيبة الموت). فالموت هو المصيبة العظمى والرزية الكبرى ، قال علماؤنا: وأعظم منه الغفلة عنه ، والإعراض عن ذكره ، وقلة التفكر فيه ، وترك العمل له ، وإن فيه وحده لعبرة لمن اعتبر وفكرة لمن تفكر . ويجوز تمني الموت فقط عند الخوف على ذهاب الدين وظهور الفتن



قال تعالى :( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) ، وقال تعالى ( وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا) ، وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( قدر الله تعالى مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) رواه مسلم . وعن عبدالله بن مسعود قال : قالت: أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها (اللهم متعني بزوجي رسول الله ، وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية ، قال : فقال : النبي صلى الله عليه وسلم : قد سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة، لن يعجل شيئا قبل حله، أو يؤخر شيئا عن حله ، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار وعذاب في القبر لكان خيرا وأفضل) رواه مسلم

والتقدير ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

اولا: تقدير عمري، كما في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات ويقال له اكتب عمله ورزقه وأجله، وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح فوالذي لا إله غيره أن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وأن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) رواه البخاري

ثانيا : تقدير سنوي، في شهر رمضان في ليلة القدر كما قال تعالى ( فيها يفرق كل أمر حكيم، أمرا من عندنا انا كنا مرسلين )

ثالثا: تقدير يومي ، كما قال تعالى ( كل يوم هو في شأن)

فالآجال مقدرة قبل خلق السماوات والأرض ويكتب أجل الإنسان عند النفخ فيه في بطن أمه ، ويقطع أجله من رمضان إلى رمضان ، وتقدير يومي يوحي الله سبحانه إلى ملك الموت بقبض روح ذلك الإنسان في ذلك اليوم والله أعلم



جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدانها) قال حماد : " فذكر من طيب ريحها ، وذكر المسك " قال ( ويقول أهل السماء : روح طيبة جاءت من قبل الأرض ، صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه ، فينطلق به إلى ربه عز وجل ، ثم يقول : انطلقوا به إلى آخر الأجل) ، قال ( وإن الكافر إذا خرجت روحه- قال حماد وهو أحد رواة الحديث : وذكر من نتنها وذكر لعنا - ويقول أهل السماء : روح خبيثة من قبل الأرض ، قال : فيقال : انطلقوا به إلى آخر الأجل) وجاء في حديث البراء بن عازب الذي يصف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم رحلة الإنسان من الموت إلى البرزخ قال- والسياق عن الروح الطيبة -: (حتى إذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء ، وفتحت له أبواب السماء ، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج من قبلهم ، فإذا أخذها ( يعني ملك الموت ) لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن ، وفي ذلك الحنوط ، [ وذلك قوله تعالى ( توفته رسلنا وهم لايفرطون)]، ويخرج منها كأطيب نفخة مسك وجدت على وجه الأرض ، قال : فيصعدون بها ، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون : فلان ابن فلان، بأحسن اسمائه التي كان يسمونه بها في الدنيا ، حتى ينتهوا إلى السماء الدنيا ، فيستفتحون له ، فيفتح لهم ، فيشيعه من كل سماء مقربوها ، إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل : اكتبوا كتاب عبدي في عليين، ( وما أدراك ما عليون ، كتاب مرقوم ، يشهده المقربون )، فيكتب كتابه في عليين ، ثم يقال : أعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم ، وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى .....)



وتحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الروح الخبيثة التي نزعت من العبد الكافر أو الفاجر ، فقال عنها بعد نزعها ( [ فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض ، وكل ملك في السماء ، وتغلق أبواب السماء ، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه من قبلهم ] ، فيأخذها ، فإذا أخذها ، لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ، ويخرج منه كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها ، فلا يمرون على ملأ من الملائكة ، إلا قالوا : ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون : هذا فلان بن فلان ، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ، حتى ينتهي إلى السماء الدنيا ، فيستفتح له ، فلا يفتح له ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تفتّح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) ، فيقول الله عز وجل : اكتبوا كتابه في سجين ، في الأرض السفلى [ ثم يقول : أعيدوا عبدي إلى الأرض، فإني وعدتهم إني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى ، فتطرح روحه من السماء ، طرحا [ حتى تقع في جسده ]، ثم قرأ : ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ) فتعاد روحه إلى جسده) حديث صحيح



وروى ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الميت تحضره الملائكة ، فإذا كان الرجل صالحا ، قال : اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد في الطيب، اخرجي حميدة ، وأبشري بروح وريحان ، ورب راض غير غضبان ، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ، ثم يعرج بها إلى السماء ، فيستفتح لها ، فيقال : من هذا ؟ فيقول :مرحبا بالنفس بالطيبة كانت في الجسد الطيب ، ادخلي حميدة ، وأبشري بروح وريحان ، ورب غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله تبارك وتعالى [ ليس المقصود أن السماء تحوي الله وتحصره ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، بل الله فوق سماواته]، فإذا كان الرجل السوء : قال : اخرجي أيتها النفس الخبيثة ، كانت في الجسد الخبيث ، اخرجي ذميمة ، وأبشري بحميم وغساق ، وآخر من شكله أزواج ، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ، ثم يعرج بها إلى السماء ، فيستفتح لها ، فيقال، من هذا ؟ فيقال : فلان ، فيقال : لا مرحبا بالنفس الخبيثة ، كانت في الجسد الخبيث ، ارجعي ذميمة ، فإنها لا تفتح لك أبواب ، فترسل من السماء ، ثم تصير إلى القبر .....) رواه ابن ماجه في سننه ، وقال عنه الشيخ الألباني صحيح



أرواح العباد في البرزخ متفاوتة في منازلها ، وقد استقرأنا النصوص الواردة في ذلك فأفادتنا التقسيم التالي:

أولا : أرواح الأنبياء: وهذ تكون في خير المنازل في أعلى المنازل في أعلى عليين، في الرفيق الأعلى ، ، وقد سمعت السيدة عائشة رضي الله عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر لحظات حياته يقول ( اللهم الرفيق الأعلى ) رواه البخاري

الثاني : أرواح الشهداء : وهؤلاء أحياء عند ربهم يرقزن ، قال تعالى ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) ، وقد سأل مسروق عبدالله بن مسعود عن هذ الآية ، فقال : إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله، فقال ( أرواحهم في أجواف طير خضر ، لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل. رواه مسلم ، وهذه بعض أرواح الشهداء وليس كل الشهداء ، لأن منهم من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه ، كما في المسند عن عبدالله بن جحش ، أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله مالي إن قتلت في سبيل الله ؟ قال : الجنة ، فلما ولى ، قال : ( إلا الدين ، سارني به جبريل آنفا ) ، وجاء في الحديث أيضا ( الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم بكرة وعشيا ) رواه أحمد والطبراني، وقد يدل هذا الحديث على الشهداء الذين عليهم دين لأنهم لا يدخلون الجنة بل يكونون على بابها والله أعلم . وعن أنس بن مالك أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب فإن كان في الجنة صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء ؟ قال : ( يا أم حارثة إنها جنان وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى) رواه البخاري

ثالثا : أرواح المؤمنين الصالحين : وتكون طيورا تعلق شجر الجنة ، ففي الحديث الذي يرويه عبدالرحمن بن كعب بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إنما نسمة المسلم طير يعلق في شجر الجنة ، حتى يرجعها الله إلى جسده إلى يوم القيامة ) رواه أحمد ، وقال عنه الألباني صحيح على شرط الشيخين . كما جاء في القرآن أن أرواح المؤمنين المطمئنة في الجنة ، قال تعالى ( يا أيتها النفس المطمئنة ، ارجعي إلى ربك راضية مرضية ، فادخلي في عبادي ، وادخلي جنتي ) ، والفرق بين أرواح المؤمنين وأرواح الشهداء ، أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح متنقلة في رياض الجنة ، وتأوي إلى قناديل معلقة في العرش ، أما أرواح المؤمنين فإنها في أجواف طير يعلق ثمر الجنة ولا يتنقل في أرجائها . وكون أرواح المؤمنين طيرا يعلق شجر الجنة لا يشكل عليه الحديث الآخر الذي يرويه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه أن الملائكة تقبض روح العبد المؤمن ، وترقى به إلى السماء فتقول الملائكة ( ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض ، فيأتون به أرواح المؤمنين ، فلهم أشد فرحا من أحدكم بغائبه يقدم عليه ، فيسألونه : ماذا فعل فلان ؟ ماذا فعل فلان ؟ فيقولون : دعوه ، فإنه كان في غم الدنيا ، فيقول : قد مات ، أما أتاكم ؟ قالوا : ذهب به إلى أمه الهاوية) رواه النسائي ، فروح المؤمن تلتقي بأرواح المؤمنين في الجنة

الرابع : أرواح العصا: وقد ورد في أحاديث سابقة ما يلاقيه العصاة من العذاب ، فمن ذلك أن الذي يكذب الكذبة حتى تبلغ الآفاق يعذب بكلوب حديد يدخله في شدقه حتى يبلغ قفاه ، والذي نام عن الصلاة المكتوبة يشدخ رأسه بصخرة ، والزناة والزواني يعذبون في ثقب مثل التنور ضيق أعلاه وأسفله واسع توقد من تحته النار ، والمرابي يسبح في بحر من دم ، وعلى الشط من يلقمه حجارة. وقد وردت بعض الأحاديث التي تتحدث عن عذاب القبر لمن لم يكن يتنزه من بوله ، والذي يمشي بالنميمة ، والذي غلّ من الغنمية ونحو ذلك

الخامس: أرواح الكفار: في حديث أبي هريرة عند النسائي بعد وصف حال المؤمن إلى أن يبلغ مستقره من الجنة ذكر حال الكافر ، وما يرقيه عند النزع ، وبعد أن تقبض روحه ( تخرج كأنت ريح ، حتى يأتون به باب الأرض فيقولون : ما أنت هذه الريح ، حتى يأتون به أرواح الكفار ) ، وقال تعالى في آال فرعون (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://attig.editboard.com
elhocine
المدير العام
المدير العام
elhocine


ذكر عدد الرسائل : 1049
العمر : 115
الدولــــــــــة : 0
دعــــــــاء : البرزخ 15781610
رسائل لكل العباد : اعملوا فكل ميسر لما خلق له (حديث)


الإنسان بالتفكير والله بالتدبير
نقاط : 1
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/04/2007

البرزخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: البرزخ   البرزخ Emptyالجمعة يونيو 01, 2007 3:04 pm

فتاوى


من المعلوم أن الملكين الموكلين بسؤال الميت في القبر عن ربه ودينه ونبيه هما منكر ونكير، فهل ورد شيء عن كيفية سؤالهما للأموات إذا دفن أكثر من شخص؟ خصوصاً أن الميت تعود له روحه بمجرد انصراف أهله عنه، ثم يسأل، كما ورد عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بالدعاء للميت بالثبات لأنه يسأل؟

الإجابة: الشيخ / عبد الرحمن بن ناصر البراك

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
الملائكة عالم من عوالم الغيب الذين أخبر الله عنهم في كتابه في آيات كثيرة، وأخبر عنهم الرسول –صلى الله عليه وسلم- وقد دلت النصوص على أنهم أصناف، فمنهم الموكل بالوحي كجبريل -عليه السلام- ومنهم الموكل بالقطر كميكائيل، ومنهم الموكل بنفخ الصور وهو إسرافيل، ومنهم خزنة الجنة وخزنة النار، ومنهم الموكل بنفخ الروح في الجنين، ومنهم الموكل بقبض أرواح العالمين وهو ملك الموت وأعوانه، ومنهم الموكل بسؤال الميت في قبره.
وأكثر الأحاديث فيها ذكر سؤال الميت في قبره عن ربه ونبيه ودينه، وأنه يأتيه ملكان يسألانه، وهذه هي فتنة القبر، فأما المؤمن فيقول: ربي الله ونبيي محمد وديني الإسلام، وأما المنافق فيقول: ها ها لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.
وقد جاء في سنن الترمذي (1071) تسمية الملكين بالمنكر والنكير.
وعالم الملائكة لا تحيط به عقول البشر، فالله تعالى أعطاهم من القدر مالا يخطر بالبال، فملك الموت الموكل بقبض الأرواح يتولى قبض كلِّ من حضر أجله مهما كانوا كثرة، وإن اتحد الزمان وتباعد المكان، وهذا فوق تصور عقول البشر، وفي بعض المخترعات الحديثة التي يمكن أن يتعامل معها ملايين الناس كالإنترنت ما يعطي شيئاً من التصور عن بعض أمور الغيب ويقربها للعقول، فهي آية من آيات الله، وهذه الغيوب التي أخبرت عنها النصوص فوق ما يخطر بالبال أو يدور في الخيال، وكما قلنا في ملك الموت وما أعطاه الله من القدرة على قبض أرواح الألوف أو مئات الألوف في لحظة واحدة، نقول مثله في الملكين الموكلين بسؤال الميت في قبره، والواجب على المسلم الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله والتسليم لذلك، وإن عجزت العقول عن تصوره، وفي مثل هذا تتجلى حقيقة الإيمان، فإن الإيمان هو الإيمان بالغيب، كما قال تعالى: "هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب" [البقرة: 3-2]. فلا يجوز معارضة النصوص بتصورات العقول القاصرة الناقصة، بل يجب أن تكون العقول تابعة منقادة لهدى الله الذي بعث به رسله، فبه العصمة من الضلال والشقاء، قال تعالى: "اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى" [طه: 123]. والله أعلم.
المصدر: موقع نور الإسلام


يقول ابن تيمية: ( والأرواح مخلوقة بلا شك ، وهي لا تنعدم ولا تفنى ولكن موتها بمفارقة الأبدان ، وعند النفخة الثانية تعاد الأرواح إلى الأبدان) ،وقد تعرض شارح الطحاوية لهذه المسألة ، فقال: " واختلف الناس هل تموت الروح أم لا ؟ فقالت طائفة : تموت لأنها نفس ، وكل نفس ذائقة الموت..... وإذا كانت الملائكة تموت فالنفس البشرية أولى بالموت ، وقال آخرون ، لا تموت الأرواح ، فإنها خلقت للبقاء ، وإنما تموت الأبدان ، قالوا : وقد دل على ذلك الأحاديث الدالة على نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله في أجسادها. والصواب أن يقال : موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها وخروجها منها ، فإن أريد بموتها هذا القدر ، فهي ذائقة الموت ، وإن أريد أنها تنعدم وتفنى بالكلية فهي لاتموت بهذا الاعتبار ، بل هي باقية بعد خلقها في نعيم أو في عذاب ...... وقد أخير سبحانه أن أهل الجنة ( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ) وتلك هي مفارقة الروح الجسد"

الفرق الإسلامية في هذا الموضوع على أقوال

الأول : مذهب أهل السنة والجماعة

ويرون أن الروح منفصلة عن الجسد ومتصلة به ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ( العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعا باتفاق أهل السنة والجماعة ، تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن ، وتعذب متصلة بالبدن ، والبدن متصل بها ، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعين ، كما يكون للروح منفردة عن البدن )



الثاني: قول كثير من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم

وهؤلاء ينكرون النعيم والعذاب في البرزخ مطلقا ، والسر في ذلك أنهم ينكرون وجود روح مستقلة عن الجسد ، فالروح عندهم هي الحياة ، ولا تبقى الروح في نظرهم بعد الموت، فلا نعيم ولا عذاب حتى يبعث الله العباد، قال بذلك بعض المعتزلة والأشاعرة كالقاضي أبي بكر ، وهذا قول باطل لا شط في بطلانه خالفه أبو المعالي الجويني ، وقد نقل غير واحد من أهل السنة الإجماع على أن الروح تبقى بعد فراق البدن وأنها منعمة أو معذبة



الثالث : قول الفلاسفة

وهؤلاء يرون أن النعيم والعذاب على الروح وحدها، وأن البدن لا ينعم ولا يعذب ، وقد قال بهذا القول من أهل السنة ابن ميسرة وابن حزم



الرابع : قول من قال من علماء الكلام: أن الذي ينعم ويعذب في القبر البدن وحده ، وقد بذلك طائفة من أهل الحديث منهم ابن الزاعوني

الروح تسري في بدن الإنسان كله يقول ابن تيمية ( لا اختصاص للروح بشيء من الجسد ، بل هي سارية في الجسد كما تسري الحياة التي هي عرض في جميع الجسد ، فإن الحياة مشروطة بالروح، فإذا كانت الروح في الجسد كان فيه حياة ، وإذا فارقته الروح فارقته الحياة )



هل للروح كيفية تعلم ؟

لما كانت الروح مخلوقة من جنس لا نظير له في عالم الموجودات فإننا لا نستطيع أن نعرف صفاتها ، فقد عرفنا الله أنها تصعد وتهبط ، وتسمع وتبصر وتتكلم إلى غير ذلك ، إلا أن هذه الصفات مخالفة لصفات الأجسام المعروفة ، فليس صعودها وهبوطها وسمعها وبصرها وقيامها وقعودها من جنس ما نعرفه ونعلمه ، فقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الروح يصعد بها إلى السماوات العلى ، ثم تعاد إلى القبر ساعة من الزمن ، وقد أخبرنا أنها تنعم أو تعذب في القبر ، ولا شك أن هذا النعيم على نحو مخالف لما نعلمه ونعرفه



الأوقات التي يكره فيها الدفن

يكره دفن الميت عند طلوع الشمس وعند غروبها ، وحين يقول قائم الظهيرة ، فعن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال ( ثلاث ساعات كان ينهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيها أو نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف للغروب حتى تغرب ) رواه مسلم . ويجوز دفن الميت ليلا ، فقد دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر ليلا ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل قبرا ليلا فأسرج له سراجا ، فأخذه من قبل القبلة وقال : رحمك الله ، إن كنت لأواها تلاء للقرآن وكبر عليه أربعا ) رواه الترمذي بإسناد حسن . وقد دفن أبو بكر الصديق وعثمان بن عفان رضي الله عنهما ليلا. أما إذا لم يكفن الميت الكفن الجيد، ولم يصل عليه فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يدفن في الليل



الإسراع بالجنائز

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أسرعوا بالجنازة ، فإن تكن صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تكن سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم) متفق عليه ، ويستحب القيام عند مرور الجنازة كما جاء عنه عليه الصلاة والسلام ( إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلفكم أو توضع) رواه مسلم



صفوف المصلين على الجنازة

يستحب جعل صفوف المصلين على الجنازة ثلاثة ، لحديث أبي أمامة قال ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة ومعه سبعة نفر فجعلا ثلاثة صفا واثنين صفا واثنين صفا ) حديث حسن



غسل الشهيد

عن جابر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ادفنوهم في دمائهم يعني شهداء يوم أحد ولم يغسلهم ) رواه البخاري، وهذا الحديث دل على عدم تغسيل شهداء المعركة . وإن حمل المجروح وبه رمق وطالت حياته أو أكل أو شرب غسل وصلي عليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( غسل سعد بن معاذ صلى عليه وكان شهيدا ) ، والشهيد إذا كان جنبا يغسل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد : ( ما بال حنظلة بن الراهب ؟ إني رأيت الملائكة تغسله ، قالوا : إنه سمع الهائعة فخرج ولم يغتسل) أخرجه الحاكم في المستدرك



النهي عن الجلوس والمشي على المقابر

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه ، فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر ) رواه مسلم. وجاء في صحيح مسام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها )ا، كما يكره المشي على القبور بالنعال كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم صاحب السبتين قائلا ( يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك ، فنظر الرجل فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلع نعليه فرمى بها ) أخرجه أحمد

بناء القبور ورفعها

لم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم تعلية القبور ولا بناؤها بآجر ولا بحجر ولبن ولا تشييدها وتطيينها ولا بناء القباب عليها فكل هذا بدعة مكروهة مخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم وقد بعث علي بن أبي طالب إلى اليمن ألا يدع تمثالا إلا طمسه ولا قبرا مشرفا إلا سواه فسنته صلى الله عليه وسلم تسوية هذه القبورالمشرفة ، وقال الشوكاني: والظاهر أن رفع القبور زيادة على القدر المأذون فيه محرم محرم وقد صرح بذلك أصحاب أحمد وجماعة من أصحاب الشافعي ومالك ، وقال ابن حجر : وتجب المبادرة لهدم المساجد والقباب التي على القبور إذ هي أضر من مسجد الضرار لأنها أسست على معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه نهى عن ذلك ، وأمر بهدم القبور المشرفة وتجب إزالة كل قنديل أو سراج على القبر



التعزية

تسن التعزية مرة واحدة لما فيها من التعاون والتراحم والثواب العظيم ، كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم( من عزى أخاه في مصيبته كساه الله حلة خضراء يحبر بها يوم القيامة ، قيل يا رسول الله ما يحبر ؟ قال : يغبط ( أخرجه الخطيب وله شاهد . والتعزية لجميع أهل الميت الكبار والصغار والرجال والنساء ، ووقتها قيل قبل الدفن وقيل بعده والأفضل بعده لأن أهل الميت مشغولون بتجهيزه ، ولأن وحشتهم بعد دفنه أكثر لفراقه. ومدتها إلى ثلاثة أيام ، إلا إذا كان المعزي أو المعزى غائبا فلا بأس بالتعزية بعد ثلاثة أيام

ومن ألفاظها:

إن لله ما أخذ وله ما أعهطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى فتصبر ولتحتسب

أعظم الله أجرك ، وأحسن عزاءك وغفر لميتك

وأما الجواب : فيقول : آمين أو يقول للمعزي آجرك الله

زيارة القبور

تسن زيارة القبور للرجال للإتعاظ فإنها تذكر الآخرة وترق القلب وتدمع العين ، ولنفع الموتى بالدعاء والاستغفار لهم، فقد زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال ( استأذنت ربي في أن استغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت ) رواه مسلم . قال ابن القيم: كان هديه صلى الله عليه وسلم إذا زار قبور أصحابه يزورها للدعاء لهم والترحم عليهم والاستغفار لهم وهذه هي الزيارة التي سنها لأمته وشرعها لهم وأمرهم أن يقولوا ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية)



قال ابن القيم رحمه الله في كتابه " الروح ":

[ وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ) وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد . والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي ويستبشر به] ولا يسمع الميت إلا إذا ردت إليه الروح كما في الأحاديث الصحيحة التالية:

جاء أن الميت يسمع قرع نعال أصحابه بعد وضعه في قبره ، فعن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن العبد إذا وضع في قبره ، وتولى عنه أصحابه ، إنه ليسمع قرع نعالهم .....)، ووقف الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ثلاثة أيام من معركة بدر على قتلى بدر من المشركين فنادى رجالا منهم فقال ( يا أبا جهل بن هشام ، يا أمية بن خلف ، يا عتبة بن ربيعة ، يا سيبة بن ربيعة ، أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا ) فقال عمر بن الخطاب : ( يا رسول الله ! كيف يسمعوا أنى يجيبوا وقد جيفوا ) قال : ( والذي نفسي بيده! ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا ، فألقوا في قليب بدر ) رواه البخاري . وقد ساق ابن تيمية جملة من الأحاديث تدل على أن الموتى يسمعون ، ثم قال ( فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي ، ولا يجب أن يكون السمع له دائما ، بل قد يسمع في حال دون حال ، كما قد يعرض للحي ، فإنه يسمع أحيانا من يخاطبه ، وقد لا يسمع لعارض يعرض له )، وقد أجاب شيخ الإسلام على إشكال من يقول : إن الله نفى السماع عن الميت في قوله ( إنك لا تسمع الموتى ) وكيف تزعمون أن الموتى يسمعون ؟

فقال : ( وهذا السمع سمع إدراك ليس يترتب عليه جزاء ، ولا هو السمع المنفي بقوله ( إنك لا تسمع الموتى ) ، فإن المراد بذلك سمع القبول والامتثال ، فإن الله جعل الكافر كالميت الذي لا يستجيب لمن دعاه ، وكالبهائم التي تسمع الصوت ولا تفقه المعنى ، فالميت وإن سمع الكلام وفقه المعنى ، فإنه لا يمكنه إجابة الداعي ، ولا امتثال ما أمر به ، ونهي عنه ، فلا ينتفع بالأمر والنهي ، وكذلك الكافر لا ينتفع بالأمر والنهي ، وإن سمع لخطاب ، وفهم المعنى كما قال تعالى ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم )

وقد جاءت النصوص دالة على أن الميت مع سماعه يتكلم ، فإن منكرا ونكيرا يسألونه فالمؤمن يوفق للجواب الحق ، والكافر والمنافق يضل عن الجواب ، ويتكلم أيضا في غير سؤال منكر ونكير ، وكل هذا مخالف لما عهده أهل الدنيا من كلام ، فالذي يسأل ويتكلم الروح ، وهي التي تجيب وتقعد وتعذب وتنعم ، وإن كان لها نوع اتصال بالجسد ، وقد ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلك كان يسمع من هذا شيئا كثيرا، كما جاء في حديث ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ..... ) رواه البخاري ومسلم

إن لتذكر الموت أثر كبير في إصلاح النفوس وتهذيبها ، ذلك أن النفوس تؤثر الدنيا وملذاتها وتطمع في البقاء المديد في هذه الحياة ، وقد تهفو إلى الذنوب والمعاصي ، وقد تقصر في الطاعات ، فإذا اكان الموت على بال العبد ، فإنه يصغر الدنيا في عينيه ، ويجعله يسعى في إصلاح نفسه وتقويم المعوج من أمره ، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم قوله ( أكثروا ذكر هادم اللذات : الموت ، فإنه لم يذكره في ضيق من العيش إلا وسعه عليه ، ولا ذكره في سعة إلا ضيقها) صحيح الجامع

قال القرطبي في التذكرة: واعلم أن الموت هو الخطب الأفظع ، والأمر الأشنع ، والكأس الذي طعمها أكره وأبشع ، وإنه الأهدم للذات ، والأقطع للراحات ، والأجلب للكريهات ، فإن أمرا يقطع أوصالك ، ويفرق أعضاءك ، ويهدم أركانك لهم الأمر الفظيع والخطب الجسيم وإن يومه لهو اليوم العظيم

وقد وعظ الله سبحانه رسوله بالموت فقال ( إنك ميت وإنهم ميتون ) وجاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أتاني جبريل فقال يا محمد عش ما شئت ، فإنك ميت ، وأحبب من شئت فإنك نفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل ، وعزه استغناؤه عن الناس) رواه الطبراني . ومن عظات الصحابي الجليل أبي الدرداء قوله : أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث : أضحكني مؤمل الدنيا والموت يطلبه ، وغافل ليس بمغفول عنه ، وضاحك بمليء فيه وهو لا يدري أأرضى الله أم أسخطه. وأبكاني فراق الأحبة محمد صلى الله عليه وسلم وحزبه ، وهو المطلع عند غمرات الموت ، والوقوف بين يدي الله ، يوم تبدو السريرة علانية ، ثم لا يدري إلى الجنة أو إلى النار

وقال أبو الدرداء أو أبو ذر : تلدون للموت ، وتعمرون للخراب ، وتحرصون على ما يفنى وتذرون ما يبقى

ونقل القرطبي عن يزيد الرقاشي أنه كان يقول لنفسه : ويحك يا يزيد من ذا يصلي عنك بعد الموت ؟ من ذا يصوم عنك بعد الموت ، من ذا يرضي عنك ربك بعد الموت ؟

ثم يقول: يا أهيا الناس ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم ؟ من القبر طالبه، والقبر بيته والتراب فراشه والدود أنيسه ، وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر ، كيف يكون حاله ؟

وقال الدقاق: من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة: تعجيل التوبة ، وقناعة القلب ، ونشاط العبادة ، ومن نسي الموت عوجل بثلاث : تسويف التوبة ، وترك الرضى بالكفاف ، والتكاسل في العبادة

وقال أبو الدرداء : من أكثر ذكر الموت قل فرحه ، وقل حسده

وقد أكثر الشعراء من ذكر الموت والوعظ به، فقال أحدهم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://attig.editboard.com
elhocine
المدير العام
المدير العام
elhocine


ذكر عدد الرسائل : 1049
العمر : 115
الدولــــــــــة : 0
دعــــــــاء : البرزخ 15781610
رسائل لكل العباد : اعملوا فكل ميسر لما خلق له (حديث)


الإنسان بالتفكير والله بالتدبير
نقاط : 1
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/04/2007

البرزخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: البرزخ   البرزخ Emptyالجمعة يونيو 01, 2007 3:06 pm

مشيناها خطا كتبت علينا ***** ومن كتبت عليه خطا مشاها

وأرزاق لنا متفرقات ***** فمن لم تأته منا أتاها

ومن كتبت منيته بأرض ***** فليس يموت في أرض سواها



وقال آخر

وإذا وليت قوما ليلة **** فاعلم بأنك بعدها مسؤل

وإذا حملت إلى القبور جنازة ***** فاعلم بأنك بعدها محمول



وقال آخر

تزود من الدنيا فإنك لا تدري ***** إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر

فكم من عروس زينوها لزوجها ***** وقد أخذت أرواحهم ليلة القدر

وكم من سليم مات من غير علة ***** وكم من سقيم عاش حينا من الدهر

وكم من فتى يمسي ويصبح لاهيا ***** وقد نسجت أكفانه وهو لايدري

وكم من ساكن عند الصباح بقصره ***** وعند المسا قد كان من ساكن القبر

فكن مخلصا واعمل الخير دائما **** لعلك تحظى بالمثوبة والأجر

وداوم على تقوى الإله فإنها ***** أمان من الأهوال في موقف الحشر



الاحتضار

إذا شارفت حياة الإنسان على المغيب أرسل الله رسل الموت لسل الروح المدبرة للجسد والمحركة له ( وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون )، وملائكة الموت تأتي المؤمن في صورة حسنة جميلة ، وتأتي الكافر والمنافق في صورة مخيفة ، ففي حديث البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ، كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة ، وحنوط من حنوط الجنة ، حتى يجلسوا منه مد بصره ، ثم يجيء ملك الموت عليه السلام ، حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة ( وفي رواية : المطمئنة) اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان . قال : فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها.......... وإن العبد الكافر ( وفي رواية الفاجر ) إذا كان في انقطاع من الآخرة وإقبال من الدنيا ، نزل إليه من السماء ملائكة[ غلاظ شداد] سود الوجوه ، معهم المسوح [ من النار ] فيجلسون منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب. قال : فتفرق في جسده ، فينتزعها كما ينتزع السفود [ الكثير الشعب ] من الصوف المبلول [ فتقطع معها العروق والعصب ]). جمع الشيخ الألباني جميع روايات هذا الحديث وساقه سياقا واحدا ضاما إليه الزوائد والفوائد التي وردت في طرقه الثابته في كتابه " أحكام الجنائز "



وما يحدث للميت حال موته لا نشاهده ولا نراه ، وإن كنا نرى آثاره ، وقد أخبر تعالى عن حال المحتضر فقال ( فلولا إذا بلغت الحلقوم ، وأنتم حينئذ تنظرون ، ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون)، وقال أيضا ( كلا إذا بلغت التراقي ، وقيل من راق ، وظن أنه الفراق ، والتفت الساق بالساق ، إلى ربك يومئذ المساق) والتي تبلغ التراقي هي الروح ، والتراقي جمع ترقوه وهي العظام التي بين ثغرة النحر والعاتق وقد صرح الحديث بأن ملك الموت يبشر المؤمن بالمغفرة من الله والرضوان، ويبشر الكافر أو الفاجر بسخط الله وغضبه ، وقد صرحت بهذا نصوص كثيرة ، قال تعالى ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون، نزلا من غفور رحيم) قال مجاهد والسدي وهذا التنزل يكون حالة الاحتضار . وقال تعالى في حق الكفرة في معركة بدر ( ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ، ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد )



قال تعالى : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) ، وسكرات الموت كرباته وغمراته ، قال الراغب في مفرداته : ( السكر حالة تعرض بين المرء وعقله ، وأكثر ما تستعمل في الشراب المسكر ، ويطلق في الغضب والعشق والألم والنعاس والغشي الناشيء عن الألم وهو المراد هنا) وقد عانى الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه السكرات ، ففي مرض موته صلوات الله وسلامه عليه كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء ، فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ، ويقول : ( لا إله إلا الله ، إن للموت سكرات ) رواه البخاري، وتقول عائشة رضي الله عنها في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم( ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم )، وقد دخلت عائشة رضي الله عنها على أبيها أبي بكر رضي الله عنه في مرض موته ، فلما ثقل عليه ، تمثلت بقول الشاعر

لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ***** إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

فكشف عن وجهه وقال رضي الله عنه ، ليس كذلك ، ولكن قولي ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) . ولا شك أن الكافر والفاجر يعانيان من الموت أكثر مما يعانيه المؤمن كما سبق في حديث البراء بن عازب. وقد يحدث العقلاء في حال الاحتضار عما يعانونه من شدة الموت وسكراته ، وممن حدث بهذا عمرو بن العاص ، فعندما حضرته الوفاة ، قال له ابنه : يا أبتاه ! إنك لتقول : يا ليتني ألقى رجلا عاقلا لبيبا عند الموت حتى يصف لي ما يجد ، وأنت ذلك الرجل ، فصف لي ، فقال : يا بني ، والله كأن جنبي في تخت ، وكأني أتنفس من سم إبرة ، وكأن غصن شوك يجذب من قدمي إلى هامتي ، ثم أنشأ يقول:

ليتني مت قبل ما قد بدالي ***** في تلال الجبال أرعى الوعولا



الذي يخفف عنه سكرات الموت:

أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الشهيد الذي يسقط في المعركة تخفف عنه سكرات الموت ، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( الشهيد لا يجد ألم القتل إلا كما يجد أحدكم ألم القرصة ) رواه الترمذي والنسائي والدارمي ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب



إذا نزل الموت بالإنسان تمنى العودة إلى الدنيا ، فإن كان كافرا لعله يسلم ، وإن كان عاصيا فلعله يتوب ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ، لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) ، والإيمان لايقبل إذا حضر الموت ، والتوبة لا تنفع إذا غرغر العبد ) إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما ، وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما )، وقد ساق الحافظ ابن كثير من الأحاديث ما يدل على أن الله يقبل توبة العبد إذا حضره الموت ما لم يصل إلى درجة الغرغرة ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) رواه الترمذي وابن ماجه، وكل من تاب قبل الموت فقد تاب من قريب ، ولكن شرط التوبة الإخلاص والصدق ، وقد لا يتمكن المرء من التوبة في تلك الأهوال ، فعلى المرء أن يسارع بالتوبة قبل حلول الأجل

قدم لنفسك توبة مرجوة *** قبل الممات وقبل حبس الألسن

بادر بها غلق النفوس فإنها *** ذخر وغنم للمنيب المحسن



إذا جاءت ملائكة الرحمن العبد المؤمن بالبشرى من الله ظهر عليه الفرح والسرور ، أما الكافر والفاجر فإنه يظهر عليه الضيق والحزن والتعب ، ومن ثم فإن العبد المؤمن في حال الاحتضار يشتاق إلى لقاء الله تعالى ، والعبد الكافر أو الفاجر يكره لقاء الله تعالى ، فقد روى أنس بن مالك عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ، قالت عائشة أو بعض أزواجه : إنا لنكره الموت ، قال : ليس كذلك ، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته ، فليس شيء أحب إليه مما أمامه ، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه ، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته ، فليس شيء أكره إليه مما أمامه ، فكره لقاء الله ، وكره الله لقاءه) رواه البخاري . ولذلك فالعبد الصالح يطالب حامليه بالإسراع به إلى القبر شوقا منه إلى النعيم ، بينما العبد الطالح ينادي بالويل من المصير الذاهب إليه ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم ، فإن كانت صالحة قالت: قدموني ، وإن كانت غير صالحةلأهلها يا ويلها أين يذهبون بها ؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ، ولو سمع الإنسان لصعق ) رواه البخاري



إذا حضر الموت كان الشيطان حريصا على الإنسان حتى لا يفلت منه، ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه ، حتى يحضره عند طعامه ، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى ، ثم ليأكلها ، ولا يدعها للشيطان ، فإذا فرغ فليلعق أصابعه ، فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة) ، وقد ذكر علماؤنا أن الشيطان يأتي الإنسان في تلك اللحظات الحرجة في صورة أبيه أو أمه أو غيرهم ممن هو شفيق عليه ناصح له ، ويدعوه إلى اتباع اليهودية أو النصرانية أو غيرها من المبادئ المعارضة للإسلام، فهناك يزيغ الله من كتبت له الشقاوة، وهو معنى قوله تعالى ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب)



وقد حدث عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل قال : حضرت وفاة أبي أحمد ، وبيدي خرقة لأشد لحييه ، فكان يغرق ، ثم يفيق ، ويقول بيده: لا بعد ، لا بعد ، فعل هذا مرارا ، فقلت له : يا أبي أي شيء يبدو منك ؟ فقال : إن الشيطان قائم بحذائي عاض على أنامله ، يقول : يا أحمد فتني ، وأنا أقول : لا بعد ، لا بعد ، حتى أموت

وقال القرطبي : سمعت شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر القرطبي يقول : حضرت أخا شيخنا أبي جعفر أحمد بن محمد القرطبي بقرطبة ، وقد أحتضر ، فقيل له : قل لا إله إلا الله، فكان يقول: لا لا ، فلما أفاق ذكرنا له ذلك ، فقال : أتاني شيطانان عن يميني وعن شمالي ، يقول أحدهما : مت يهوديا فإنه خير الأديان ، والآخر يقول : مت نصرانيا فإنه خير الأديان ، فكنت أقول لهما : لا لا

ولكن هذا ليس لازما لكل أحد كما يقول ابن تيمية ، بل من الناس من تعرض عليه الأديان قبل موته ، ومنهم من لا تعرض عليه ، وقد وقع ذلك لأقوام ، وهذا كله من فتنة المحيا والممات التي أمرنا أن نستعيذ بها في صلاتنا. وقد ذكر الشيخ ابن تيمية أن الشيطان أحرص ما يكون على إغواء الإنسان وقت موته ، لأنه وقت الحاجة ، واستدل بالحديث الذي في الصحيح ( الأعمال بخواتيمها) وقال عليه الصلاة والسلام ( إن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن العبد ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ،فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة ، فيدخلها ) ولهذا روي أن الشيطان أشد ما يكون على ابن آدم حين الموت ، يقول لأعوانه : دونكم هذا فإنه إن فاتكم لن تظفروا به أبدا



بعض الذين يظهرون الإسلام ويعملون به يختم لهم والعياذ بالله بخاتمة سيئة ، وقد تبدو تلك الخاتمة من بعض من حضرهم الموت ، وقد تحدث صديق حسن خان عن سوء الخاتمة فقال: ولها أسباب يجب على المؤمن أن يحترز عنها...... ثم ذكر هذه الأسباب ومنها

اولا : الفساد في الاعتقاد : وإن كان مع كمال الزهد والصلاح ،فإن كان له فساد في اعتقاده مع كونه قاطعا به متيقنا له غير ظان أن أخطأ فيه قد ينكشف له في حال سكرات الموت بطلان ما اعتقده من الاعتقادات الحقة مثل هذا الاعتقاد باطل لا أصل له إن لم يكن عنده فرق بين اعتقاد واعتقاد، فيكون انكشاف بطلان بعض اعتقاداته سببا لزوال بقية اعتقاداته ، فإن خروج روحه في هذه الحالة قبل أن يتدارك ويعود إلى أصل الإيمان يختم له بالسوء ويخرج من الدنيا بغير إيمان، فيكون من الذين قال الله تعالى فيهم ( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) وقال في موضع آخر ( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) ، فإن كل من اعتقد شيئا خلاف ما هو عليه إما نظرا برأيه وعقله أو أخذا ممن هذا حاله فهو واقع في الخطر



ثانيا : الإصرار على المعاصي، فإن من أصر عليها يحصل في قلبه إلفها ، وجميع ما ألفه الإنسان في عمره يعود ذكره عند موته، فإن كان ميله إلى الطاعات أكثر يكون أكثر ما يحضره عند الموت ذكر الطاعات، وإن كان ميله إلى المعاصي أكثر يكون أكثر ما يحضره عند الموت ذكر المعاصي، فربما يغلب عليه حين نزول الموت به قبل التوبة شهوة ومعصية من المعاصي فيتقيد قلبه بها وتصير حجابا بينه وبين ربه ، وسببا لشقاوته في آخر حياته. والذي لم يرتكب ذنبا أصلا أو ارتكب وتاب فهو بعيد عن هذا الخطر، أما من كانت ذنوبه أكثر من طاعاته ولم يتب منها فهذا الخطر في حقه عظيم جدا



ثالثا: العدول عن الاستقامة، فإن من كان مستقيما في ابتدائه ثم تغير عن حاله وخرج مما كان عليه في ابتدائه يكون سببا لسوء خاتمته، كإبليس الذي كان في ابتدائه رئيس الملائكة ومعلمهم وأشدهم اجتهادا في العبادة ، ثم لما أمر بالسجود لآدم أبى واستكبر وكان من الكافرين. وكبلعام بن باعور الذي آتاه الله آياته فانسلخ بإخلاده إلى الدنيا ، وابتع هواه وكان من الغاوين، وكبرصيصا العابد الذي قال له الشيطان اكفر ، فلما كفر ، قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين



رابعا: ضعف الإيمان، فإن كان في إيمانه ضعف يضعف حب الله تعالى فيه، ويقوى حب الدنيا في قلبه ، ويستولي عليه بحيث لا يبقى موضع لحب الله تعالى، إلا من حيث حديث النفس بيحث لا يظهر له أثره في مخالفة النفس ولا يؤثر في الكف عن المعاصي ولا في الحث على الطعات، فينهمك في الشهوات وارتكاب السيئات، فتتراكم ظلمات الذنوب على القلب فلا تزال تطفي ما فيه من نور الإيمان مع ضعفه، فإذا جاءت سكرات الموت يزداد حب الله ضعفا في قلبه لما يرى أنه يفارق الدنيا وهي محبوبة له وحبها غالب عليه لا يريد تركها ، فإن خروج روحه في تلك اللحظات التي خطرت فيها هذه الخطرة يختم له بالسوء ويهلك هلاكا مؤبدا



عندما يحضر الأنبياء الموت فإن الله يريهم ما لهم عنده من الثواب الجزيل والأجر العظيم ، ثم يخيرون بين البقاء في الدنيا والانتقال إلى ذلك المقام الكريم ، ولا شك أن كل رسول يفضل النعيم المقيم ، وقد حدث هذا لرسولنا صلى الله عليه وسلم ، خيّر فاختار، ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو صحيح : ( إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخيّر، فلما نزل به ورأسه على فخذي غشي عليه ساعة ، ثم أفاق ، فأشخص بصره إلى السقف ثم قال : اللهم الرفيق الأعلى، قلت: إذن لا يختارنا، وعرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا به ، قالت : ( فكانت تلك آخر كلمة تكلم بها النبي صلى الله عليه وسلم قوله : اللهم الرفيق الأعلى)

يسن عند الاحتضار فعل الأمور التالية

أولا : توجيه المحتضر إلى القبلة مضجعا على شقه الأيمن

عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ..... الخ الحديث وذكر في آخره فإن مت من ليلتك مت وأنت على الفطرة ) رواه البخاري ومسلم . وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور فقالوا: ( توفي وأوصى بثلث ماله لك وأن يوجه للقبلة لما احتضر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أصاب الفطرة وقد رددت ثلث ماله على ولده ثم ذهب فصلى عليه وقال : اللهم اغفر له وارحمه وأدخله جنتك) رواه البيهقي بإسناد صحيح

ثانيا : تلقينه الشهادة

يستحب لمن يلقن المحتضر أن يكون أرفق أهله به وأعلمهم بسياسته وأتقاهم لربه وإذا نزل به الموت يبل حلقه فيقطر فيه ماء أو شرابا ويندي شفتيه بقطنة ويلقنه ( لا إله إلا الله ) مرة واحدة لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) رواه مسلم ، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ) رواه أبو داود بإسناد صحيح ، قال العلماء : وينبغي أن لا يلح عليه في ذلك وأن لا يقول له قل لا إله إلا الله خشية أن يضجر فيقول : لا أقول ، أو يتكلم بغير هذا من الكلام القبيح، وإذا أتى بالشهادة مرة لا يعاود مالم يتكلم بعدها بكلام آخر ، هكذا قال الجمهور لا يزاد على مرة وقال جماعة يكررها عليه ثلاثا ولا يزاد على ثلاث ، وكذلك ورد استحباب قراءة سورة يس عند المحتضر ، وقد وجدت الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة ولم تصح



ما يفعل به بعد الموت

اولا : يسن تغميض عيني الميت ، وذلك بأن يطبق أحد الجفنين على الآخر ويقول الذي يغمضه ( بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره ، فأغمضه ثم قال : إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال ، لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال : اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه ) رواه مسلم ، ويستفاد من هذا الحديث أنه يستحب لمن حضر الميت أن يدعو له ولا يقول إلا خيرا

ثانيا: شد لحيي الميت بعصابة عريضة فيجمع لحييه ثم يشدهما على رأسه لئلا ينتفخ فوه فيقبح منظره ويدخل فيه ماء الغسل

ثالثا: تليين مفاصله وذلك بشد ذراعيه وإرخائهما وشد رجليه وارخائهما ، ويشد فخذيه إلى بطنه ويرخيهما حتى لا تتصلب مفاصله فيصعب تغسيله

رابعا : استحباب خلع ملابسه التي مات فيها ائلا يحمى جسده فيسرع بالفساد

خامسا : يجوز تقبيل الميت عند كثير من العلماء ، فعن عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل عثمان بن مظعون وهو ميت وهو يبكي أو قال عيناه تذرفان) رواه الترمذي وقال حسن صحيح

سادسا : يسن تغطيته بثوب يستر جميع بدنه

سابعا: المسارعة في قضاء دينه من ماله، فعن سعد بن الأطول رضي الله عنه ( أن أخاه مات وترك ثلاثمائة درهم وترك عيالا قال : فأردت أن أنفقها على عياله ، قال : فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم إن أخاك محبوس بدينه فاذهب فاقض عنه ، فذهبت فقضيت عنه ثم جئت قلت : يا رسول الله قد قضيت عنه ولم يبق إلا امرأة تدعي دينارين وليست لها بينة قال : أعطها فإنها صادقة ) أخرجه أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح

ثامنا : يستحب المسارعة بإخراج وصيته وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه ، لأن الإسراع بتجهيزه يخفف من حدة فقده والبكاء عليه

القبر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://attig.editboard.com
elhocine
المدير العام
المدير العام
elhocine


ذكر عدد الرسائل : 1049
العمر : 115
الدولــــــــــة : 0
دعــــــــاء : البرزخ 15781610
رسائل لكل العباد : اعملوا فكل ميسر لما خلق له (حديث)


الإنسان بالتفكير والله بالتدبير
نقاط : 1
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/04/2007

البرزخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: البرزخ   البرزخ Emptyالجمعة يونيو 01, 2007 3:07 pm

مشيناها خطا كتبت علينا ***** ومن كتبت عليه خطا مشاها

وأرزاق لنا متفرقات ***** فمن لم تأته منا أتاها

ومن كتبت منيته بأرض ***** فليس يموت في أرض سواها



وقال آخر

وإذا وليت قوما ليلة **** فاعلم بأنك بعدها مسؤل

وإذا حملت إلى القبور جنازة ***** فاعلم بأنك بعدها محمول



وقال آخر

تزود من الدنيا فإنك لا تدري ***** إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر

فكم من عروس زينوها لزوجها ***** وقد أخذت أرواحهم ليلة القدر

وكم من سليم مات من غير علة ***** وكم من سقيم عاش حينا من الدهر

وكم من فتى يمسي ويصبح لاهيا ***** وقد نسجت أكفانه وهو لايدري

وكم من ساكن عند الصباح بقصره ***** وعند المسا قد كان من ساكن القبر

فكن مخلصا واعمل الخير دائما **** لعلك تحظى بالمثوبة والأجر

وداوم على تقوى الإله فإنها ***** أمان من الأهوال في موقف الحشر



الاحتضار

إذا شارفت حياة الإنسان على المغيب أرسل الله رسل الموت لسل الروح المدبرة للجسد والمحركة له ( وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون )، وملائكة الموت تأتي المؤمن في صورة حسنة جميلة ، وتأتي الكافر والمنافق في صورة مخيفة ، ففي حديث البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ، كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة ، وحنوط من حنوط الجنة ، حتى يجلسوا منه مد بصره ، ثم يجيء ملك الموت عليه السلام ، حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة ( وفي رواية : المطمئنة) اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان . قال : فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها.......... وإن العبد الكافر ( وفي رواية الفاجر ) إذا كان في انقطاع من الآخرة وإقبال من الدنيا ، نزل إليه من السماء ملائكة[ غلاظ شداد] سود الوجوه ، معهم المسوح [ من النار ] فيجلسون منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب. قال : فتفرق في جسده ، فينتزعها كما ينتزع السفود [ الكثير الشعب ] من الصوف المبلول [ فتقطع معها العروق والعصب ]). جمع الشيخ الألباني جميع روايات هذا الحديث وساقه سياقا واحدا ضاما إليه الزوائد والفوائد التي وردت في طرقه الثابته في كتابه " أحكام الجنائز "



وما يحدث للميت حال موته لا نشاهده ولا نراه ، وإن كنا نرى آثاره ، وقد أخبر تعالى عن حال المحتضر فقال ( فلولا إذا بلغت الحلقوم ، وأنتم حينئذ تنظرون ، ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون)، وقال أيضا ( كلا إذا بلغت التراقي ، وقيل من راق ، وظن أنه الفراق ، والتفت الساق بالساق ، إلى ربك يومئذ المساق) والتي تبلغ التراقي هي الروح ، والتراقي جمع ترقوه وهي العظام التي بين ثغرة النحر والعاتق وقد صرح الحديث بأن ملك الموت يبشر المؤمن بالمغفرة من الله والرضوان، ويبشر الكافر أو الفاجر بسخط الله وغضبه ، وقد صرحت بهذا نصوص كثيرة ، قال تعالى ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون، نزلا من غفور رحيم) قال مجاهد والسدي وهذا التنزل يكون حالة الاحتضار . وقال تعالى في حق الكفرة في معركة بدر ( ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ، ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد )



قال تعالى : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) ، وسكرات الموت كرباته وغمراته ، قال الراغب في مفرداته : ( السكر حالة تعرض بين المرء وعقله ، وأكثر ما تستعمل في الشراب المسكر ، ويطلق في الغضب والعشق والألم والنعاس والغشي الناشيء عن الألم وهو المراد هنا) وقد عانى الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه السكرات ، ففي مرض موته صلوات الله وسلامه عليه كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء ، فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ، ويقول : ( لا إله إلا الله ، إن للموت سكرات ) رواه البخاري، وتقول عائشة رضي الله عنها في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم( ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم )، وقد دخلت عائشة رضي الله عنها على أبيها أبي بكر رضي الله عنه في مرض موته ، فلما ثقل عليه ، تمثلت بقول الشاعر

لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ***** إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

فكشف عن وجهه وقال رضي الله عنه ، ليس كذلك ، ولكن قولي ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) . ولا شك أن الكافر والفاجر يعانيان من الموت أكثر مما يعانيه المؤمن كما سبق في حديث البراء بن عازب. وقد يحدث العقلاء في حال الاحتضار عما يعانونه من شدة الموت وسكراته ، وممن حدث بهذا عمرو بن العاص ، فعندما حضرته الوفاة ، قال له ابنه : يا أبتاه ! إنك لتقول : يا ليتني ألقى رجلا عاقلا لبيبا عند الموت حتى يصف لي ما يجد ، وأنت ذلك الرجل ، فصف لي ، فقال : يا بني ، والله كأن جنبي في تخت ، وكأني أتنفس من سم إبرة ، وكأن غصن شوك يجذب من قدمي إلى هامتي ، ثم أنشأ يقول:

ليتني مت قبل ما قد بدالي ***** في تلال الجبال أرعى الوعولا



الذي يخفف عنه سكرات الموت:

أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الشهيد الذي يسقط في المعركة تخفف عنه سكرات الموت ، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( الشهيد لا يجد ألم القتل إلا كما يجد أحدكم ألم القرصة ) رواه الترمذي والنسائي والدارمي ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب



إذا نزل الموت بالإنسان تمنى العودة إلى الدنيا ، فإن كان كافرا لعله يسلم ، وإن كان عاصيا فلعله يتوب ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ، لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) ، والإيمان لايقبل إذا حضر الموت ، والتوبة لا تنفع إذا غرغر العبد ) إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما ، وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما )، وقد ساق الحافظ ابن كثير من الأحاديث ما يدل على أن الله يقبل توبة العبد إذا حضره الموت ما لم يصل إلى درجة الغرغرة ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) رواه الترمذي وابن ماجه، وكل من تاب قبل الموت فقد تاب من قريب ، ولكن شرط التوبة الإخلاص والصدق ، وقد لا يتمكن المرء من التوبة في تلك الأهوال ، فعلى المرء أن يسارع بالتوبة قبل حلول الأجل

قدم لنفسك توبة مرجوة *** قبل الممات وقبل حبس الألسن

بادر بها غلق النفوس فإنها *** ذخر وغنم للمنيب المحسن



إذا جاءت ملائكة الرحمن العبد المؤمن بالبشرى من الله ظهر عليه الفرح والسرور ، أما الكافر والفاجر فإنه يظهر عليه الضيق والحزن والتعب ، ومن ثم فإن العبد المؤمن في حال الاحتضار يشتاق إلى لقاء الله تعالى ، والعبد الكافر أو الفاجر يكره لقاء الله تعالى ، فقد روى أنس بن مالك عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ، قالت عائشة أو بعض أزواجه : إنا لنكره الموت ، قال : ليس كذلك ، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته ، فليس شيء أحب إليه مما أمامه ، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه ، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته ، فليس شيء أكره إليه مما أمامه ، فكره لقاء الله ، وكره الله لقاءه) رواه البخاري . ولذلك فالعبد الصالح يطالب حامليه بالإسراع به إلى القبر شوقا منه إلى النعيم ، بينما العبد الطالح ينادي بالويل من المصير الذاهب إليه ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم ، فإن كانت صالحة قالت: قدموني ، وإن كانت غير صالحةلأهلها يا ويلها أين يذهبون بها ؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ، ولو سمع الإنسان لصعق ) رواه البخاري



إذا حضر الموت كان الشيطان حريصا على الإنسان حتى لا يفلت منه، ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه ، حتى يحضره عند طعامه ، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى ، ثم ليأكلها ، ولا يدعها للشيطان ، فإذا فرغ فليلعق أصابعه ، فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة) ، وقد ذكر علماؤنا أن الشيطان يأتي الإنسان في تلك اللحظات الحرجة في صورة أبيه أو أمه أو غيرهم ممن هو شفيق عليه ناصح له ، ويدعوه إلى اتباع اليهودية أو النصرانية أو غيرها من المبادئ المعارضة للإسلام، فهناك يزيغ الله من كتبت له الشقاوة، وهو معنى قوله تعالى ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب)



وقد حدث عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل قال : حضرت وفاة أبي أحمد ، وبيدي خرقة لأشد لحييه ، فكان يغرق ، ثم يفيق ، ويقول بيده: لا بعد ، لا بعد ، فعل هذا مرارا ، فقلت له : يا أبي أي شيء يبدو منك ؟ فقال : إن الشيطان قائم بحذائي عاض على أنامله ، يقول : يا أحمد فتني ، وأنا أقول : لا بعد ، لا بعد ، حتى أموت

وقال القرطبي : سمعت شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر القرطبي يقول : حضرت أخا شيخنا أبي جعفر أحمد بن محمد القرطبي بقرطبة ، وقد أحتضر ، فقيل له : قل لا إله إلا الله، فكان يقول: لا لا ، فلما أفاق ذكرنا له ذلك ، فقال : أتاني شيطانان عن يميني وعن شمالي ، يقول أحدهما : مت يهوديا فإنه خير الأديان ، والآخر يقول : مت نصرانيا فإنه خير الأديان ، فكنت أقول لهما : لا لا

ولكن هذا ليس لازما لكل أحد كما يقول ابن تيمية ، بل من الناس من تعرض عليه الأديان قبل موته ، ومنهم من لا تعرض عليه ، وقد وقع ذلك لأقوام ، وهذا كله من فتنة المحيا والممات التي أمرنا أن نستعيذ بها في صلاتنا. وقد ذكر الشيخ ابن تيمية أن الشيطان أحرص ما يكون على إغواء الإنسان وقت موته ، لأنه وقت الحاجة ، واستدل بالحديث الذي في الصحيح ( الأعمال بخواتيمها) وقال عليه الصلاة والسلام ( إن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن العبد ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ،فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة ، فيدخلها ) ولهذا روي أن الشيطان أشد ما يكون على ابن آدم حين الموت ، يقول لأعوانه : دونكم هذا فإنه إن فاتكم لن تظفروا به أبدا



بعض الذين يظهرون الإسلام ويعملون به يختم لهم والعياذ بالله بخاتمة سيئة ، وقد تبدو تلك الخاتمة من بعض من حضرهم الموت ، وقد تحدث صديق حسن خان عن سوء الخاتمة فقال: ولها أسباب يجب على المؤمن أن يحترز عنها...... ثم ذكر هذه الأسباب ومنها

اولا : الفساد في الاعتقاد : وإن كان مع كمال الزهد والصلاح ،فإن كان له فساد في اعتقاده مع كونه قاطعا به متيقنا له غير ظان أن أخطأ فيه قد ينكشف له في حال سكرات الموت بطلان ما اعتقده من الاعتقادات الحقة مثل هذا الاعتقاد باطل لا أصل له إن لم يكن عنده فرق بين اعتقاد واعتقاد، فيكون انكشاف بطلان بعض اعتقاداته سببا لزوال بقية اعتقاداته ، فإن خروج روحه في هذه الحالة قبل أن يتدارك ويعود إلى أصل الإيمان يختم له بالسوء ويخرج من الدنيا بغير إيمان، فيكون من الذين قال الله تعالى فيهم ( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) وقال في موضع آخر ( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) ، فإن كل من اعتقد شيئا خلاف ما هو عليه إما نظرا برأيه وعقله أو أخذا ممن هذا حاله فهو واقع في الخطر



ثانيا : الإصرار على المعاصي، فإن من أصر عليها يحصل في قلبه إلفها ، وجميع ما ألفه الإنسان في عمره يعود ذكره عند موته، فإن كان ميله إلى الطاعات أكثر يكون أكثر ما يحضره عند الموت ذكر الطاعات، وإن كان ميله إلى المعاصي أكثر يكون أكثر ما يحضره عند الموت ذكر المعاصي، فربما يغلب عليه حين نزول الموت به قبل التوبة شهوة ومعصية من المعاصي فيتقيد قلبه بها وتصير حجابا بينه وبين ربه ، وسببا لشقاوته في آخر حياته. والذي لم يرتكب ذنبا أصلا أو ارتكب وتاب فهو بعيد عن هذا الخطر، أما من كانت ذنوبه أكثر من طاعاته ولم يتب منها فهذا الخطر في حقه عظيم جدا



ثالثا: العدول عن الاستقامة، فإن من كان مستقيما في ابتدائه ثم تغير عن حاله وخرج مما كان عليه في ابتدائه يكون سببا لسوء خاتمته، كإبليس الذي كان في ابتدائه رئيس الملائكة ومعلمهم وأشدهم اجتهادا في العبادة ، ثم لما أمر بالسجود لآدم أبى واستكبر وكان من الكافرين. وكبلعام بن باعور الذي آتاه الله آياته فانسلخ بإخلاده إلى الدنيا ، وابتع هواه وكان من الغاوين، وكبرصيصا العابد الذي قال له الشيطان اكفر ، فلما كفر ، قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين



رابعا: ضعف الإيمان، فإن كان في إيمانه ضعف يضعف حب الله تعالى فيه، ويقوى حب الدنيا في قلبه ، ويستولي عليه بحيث لا يبقى موضع لحب الله تعالى، إلا من حيث حديث النفس بيحث لا يظهر له أثره في مخالفة النفس ولا يؤثر في الكف عن المعاصي ولا في الحث على الطعات، فينهمك في الشهوات وارتكاب السيئات، فتتراكم ظلمات الذنوب على القلب فلا تزال تطفي ما فيه من نور الإيمان مع ضعفه، فإذا جاءت سكرات الموت يزداد حب الله ضعفا في قلبه لما يرى أنه يفارق الدنيا وهي محبوبة له وحبها غالب عليه لا يريد تركها ، فإن خروج روحه في تلك اللحظات التي خطرت فيها هذه الخطرة يختم له بالسوء ويهلك هلاكا مؤبدا



عندما يحضر الأنبياء الموت فإن الله يريهم ما لهم عنده من الثواب الجزيل والأجر العظيم ، ثم يخيرون بين البقاء في الدنيا والانتقال إلى ذلك المقام الكريم ، ولا شك أن كل رسول يفضل النعيم المقيم ، وقد حدث هذا لرسولنا صلى الله عليه وسلم ، خيّر فاختار، ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو صحيح : ( إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخيّر، فلما نزل به ورأسه على فخذي غشي عليه ساعة ، ثم أفاق ، فأشخص بصره إلى السقف ثم قال : اللهم الرفيق الأعلى، قلت: إذن لا يختارنا، وعرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا به ، قالت : ( فكانت تلك آخر كلمة تكلم بها النبي صلى الله عليه وسلم قوله : اللهم الرفيق الأعلى)

يسن عند الاحتضار فعل الأمور التالية

أولا : توجيه المحتضر إلى القبلة مضجعا على شقه الأيمن

عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ..... الخ الحديث وذكر في آخره فإن مت من ليلتك مت وأنت على الفطرة ) رواه البخاري ومسلم . وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور فقالوا: ( توفي وأوصى بثلث ماله لك وأن يوجه للقبلة لما احتضر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أصاب الفطرة وقد رددت ثلث ماله على ولده ثم ذهب فصلى عليه وقال : اللهم اغفر له وارحمه وأدخله جنتك) رواه البيهقي بإسناد صحيح

ثانيا : تلقينه الشهادة

يستحب لمن يلقن المحتضر أن يكون أرفق أهله به وأعلمهم بسياسته وأتقاهم لربه وإذا نزل به الموت يبل حلقه فيقطر فيه ماء أو شرابا ويندي شفتيه بقطنة ويلقنه ( لا إله إلا الله ) مرة واحدة لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) رواه مسلم ، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ) رواه أبو داود بإسناد صحيح ، قال العلماء : وينبغي أن لا يلح عليه في ذلك وأن لا يقول له قل لا إله إلا الله خشية أن يضجر فيقول : لا أقول ، أو يتكلم بغير هذا من الكلام القبيح، وإذا أتى بالشهادة مرة لا يعاود مالم يتكلم بعدها بكلام آخر ، هكذا قال الجمهور لا يزاد على مرة وقال جماعة يكررها عليه ثلاثا ولا يزاد على ثلاث ، وكذلك ورد استحباب قراءة سورة يس عند المحتضر ، وقد وجدت الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة ولم تصح



ما يفعل به بعد الموت

اولا : يسن تغميض عيني الميت ، وذلك بأن يطبق أحد الجفنين على الآخر ويقول الذي يغمضه ( بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره ، فأغمضه ثم قال : إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال ، لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال : اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه ) رواه مسلم ، ويستفاد من هذا الحديث أنه يستحب لمن حضر الميت أن يدعو له ولا يقول إلا خيرا

ثانيا: شد لحيي الميت بعصابة عريضة فيجمع لحييه ثم يشدهما على رأسه لئلا ينتفخ فوه فيقبح منظره ويدخل فيه ماء الغسل

ثالثا: تليين مفاصله وذلك بشد ذراعيه وإرخائهما وشد رجليه وارخائهما ، ويشد فخذيه إلى بطنه ويرخيهما حتى لا تتصلب مفاصله فيصعب تغسيله

رابعا : استحباب خلع ملابسه التي مات فيها ائلا يحمى جسده فيسرع بالفساد

خامسا : يجوز تقبيل الميت عند كثير من العلماء ، فعن عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل عثمان بن مظعون وهو ميت وهو يبكي أو قال عيناه تذرفان) رواه الترمذي وقال حسن صحيح

سادسا : يسن تغطيته بثوب يستر جميع بدنه

سابعا: المسارعة في قضاء دينه من ماله، فعن سعد بن الأطول رضي الله عنه ( أن أخاه مات وترك ثلاثمائة درهم وترك عيالا قال : فأردت أن أنفقها على عياله ، قال : فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم إن أخاك محبوس بدينه فاذهب فاقض عنه ، فذهبت فقضيت عنه ثم جئت قلت : يا رسول الله قد قضيت عنه ولم يبق إلا امرأة تدعي دينارين وليست لها بينة قال : أعطها فإنها صادقة ) أخرجه أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح

ثامنا : يستحب المسارعة بإخراج وصيته وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه ، لأن الإسراع بتجهيزه يخفف من حدة فقده والبكاء عليه

القبر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://attig.editboard.com
elhocine
المدير العام
المدير العام
elhocine


ذكر عدد الرسائل : 1049
العمر : 115
الدولــــــــــة : 0
دعــــــــاء : البرزخ 15781610
رسائل لكل العباد : اعملوا فكل ميسر لما خلق له (حديث)


الإنسان بالتفكير والله بالتدبير
نقاط : 1
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/04/2007

البرزخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: البرزخ   البرزخ Emptyالجمعة يونيو 01, 2007 3:09 pm



[color=blue]هول القبر وفظاعته


روى هانئ مولى عثمان بن عفان ، قال : كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى ، حتى يبل لحيته ، فقيل له : تذكر الجنة والنار فلا تبكي ، وتذكر القبر فتبكي ؟ فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( القبر أول منازل الآخرة ، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه ) أخرجه الترمذي وقال هذا حديث غريب وقال عنه الشيخ الألباني سنده حسن



ولما كان ما بعد القبر أيسر منه لمن نجا، فإن العبد المؤمن إذا رأى في قبره ما أعد الله له من نعيم يقول ( رب عجل قيام الساعة ، كيما أرجع إلى أهلي ومالي) والعبد الكافرأو الفاجر إذا رأى ما أعد الله له من العذاب الشديد فإنه يقول- على الرغم مما هو فيه من عذاب ( رب لا تقم الساعة) لأن الآتي أشد وأفظع



ظلمة القبر

ماتت امرأة كانت تقُمُّ المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففقدها الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأخبروه أنها ماتت من الليل ، ودفنوها ، وكرهوا إيقاظه ، فطلب من أصحابه أن يدلوه على قبرها ، فجاء إلى قبرها فصلى عليها ، ثم قال :( إن هذه القبور مليئة ظلمة على أهلها ، وإن الله عز وجل منورها لهم بصلاتي عليهم ) رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه وأحمد والبيهقي



وضمة القبر تعني التقاء جانبيه على جسد الميت ، وعندما يوضع الميت في قبره فإنه يضمه ضمة لا ينجو منها أحد كبيرا كان أو صغيرا ، صالحا أو طالحا ، فقد جاء في الأحاديث أن القبر ضم سعد بن معاذ ، وهو الذي تحرك لموته العرش ، وفتحت له أبواب السماء ، وشهده سبعون ألفا من الملائكة ، ففي سنن النسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( هذا الذي تحرك له العرش ، وفتحت له أبواب السماء ، وشهده سبعون ألفا من الملائكة ، لقد ضم ضمة ، ثم فرج عنه) وفي مسند الإمام أحمد عن ابن عمر أيضا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( إن للقبر ضغطة لو كان أحد ناجيا منها نجا سعد بن معاذ ) رواه أحمد في مسنده ، وفي مسند الطبراني الكبير والأوسط عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( لو نجا أحد من ضمة القبر ، لنجا سعد بن معاذ ، ولقد ضم ضمة ، ثم روخي عنه ) ، ومما يدل على أن ضمة القبر لازمة لكل إنسان وأن الصبيان لا ينجون منها ، ما جاء في مسند الطبراني الكبير عن أبي أيوب الأنصاري بإسناد صحيح وهو في مسنده الأوسط ، عن أنس أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( لو أفلت أحد من ضمة القبر لنجا هذا الصبي )

وقد روي عن الحافظ بن أبي الدنيا عن محمد الشعبي في سبب ضمة القبر ( أن الأرض أصلها أنها أمهم ومنها خلقوا فغابوا عنها الغيبة الطويلة فلما رد إليها أولادها ضمتهم ضمة الوالدة غاب عنها ولدها ثم قدم عليها فمن كان لله مطيعا ضمته برأفة ورفق وحنان ومن كان عاصيا لله ضمته بعنف سخطا منها عليه لربها)



إذا وضع العبد في قبره جاءته ملائكة على صورة منكرة، فجاء في حديث البراء بن عازب عن الرسول صلى الله عليه وسلم ( فيأتيه ملكان ]شديدا الانتهار] فـ [ينتهرانه] ويجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك ؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن ، فذلك حين يقول الله عز وجل ( يثبت الله الذين آمنوا في الحياة الدنيا ) ، فيقول: ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي) ، وقال في العبد الكافر أو الفاجر ( ويأتيه ملكان[ شديدا الانتهار ، فينتهرانه ] ويجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول هاه ، هاه لا أدري . فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول: هاه ، هاه لا أدري ، فيقولان : فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فلا يهتدي لاسمه ، فيقال : محمد ، فيقول : هاه ، هاه ، لا أدري ، [ سمعت الناس يقولون ذاك ، قال : فيقولان :لا دريت ولا تلوت فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي]



وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن العبد إذا وضع في قبره ، وتولى عنه أصحابه ، إنه ليسمع قرع نعالهم ، إذا انصرفوا: أتاه ملكان فيقعدانه ، فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ، محمد ؟ فأما المؤمن ، فيقول : أشهد أنه عبدالله ورسوله ......... وأما الكافر أو المنافق ، فيقول : لا أدري ، كنت أقول ما يقول الناس فيه ، فيقال : لا دريت ولا تليت ........ ) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي



ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم في أول الأمر أن هذه الأمة تفتن في قبورها ، ثم أوحى الله له بهذا العلم ، فقد حدث عروة بن الزبير عن خالته عائشة، قالت : دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندي امرأة من اليهود ، وهي تقول : هل شعرت أنكم تفتنون في القبور ؟ قالت : فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ( إنما تفتن اليهود ) ، قالت عائشة : فلبثنا ليالي ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هل شعرت أنه أوحى الله إليّ أنكم تفتنون في القبور ) قالت عائشة : فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد : يستعيذ من عذاب القبر. رواه مسلم



يقول بن القيم: " وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلا ، وسؤال الملكين ، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به ، ولا نتكلم في كيفيته ، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته لكونه لا عهد له به في هذه الدار........فإن عودة الروح إلى الجسد ليس على الوجه المعهود في الدنيا بل تعاد إليه إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا" ، وقال في موضع آخر: " واعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ ، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه ، قبر أو لم يقبر ، أكلته السباع أو احترق حتى صار رمادا ونسف في الهواء ، أو صلب أو غرق في البحر وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور ، وما ورد من إجلاسه واختلاف أضلاعه ونحو ذلك، فيجب أن يفهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم مارده من غير غلو ولا تقصير)



وقد وردت إشارات في القرآن تدل على عذاب القبر ، قال تعالى ( سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ) وقال ( وحاق بآل فرعون سوء العذاب ، النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) ، ومن افشارات القرآنية الواضحة في ذلك قوله تعالى ( يثبت الله الذين آمنوا في الحياة وفي الآخرة

الفتنة عامة لجميع المكلفين إلا النبيين فقد اختلف فيهم، وإلا الشهداء والمرابطين ونحوهم ممن جاءت النصوص دالة على نجاتهم من الفتنة . واختلف في غير المكلفين من الصبيان والمجانين، فذهب جمع من العلماء إلى أنهم لا يفتنون منهم القاضي أبو يعلى وابن عقيل ، ووجهة نظر هؤلاء أن المحنة تكون لمن كلف، أما من رفع عنه القلم فلا يدخل في المحنة، إذ لا معنى لسؤاله عن شيء لم يكلف به

وقال آخرون : بل يفتنون ، وهذا قول أبي الحكيم الهمداني ، وأبي الحسن ابن عبدوس ، ونقله عن أصحاب الشافعي ، وقد روى مالك وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على طفل فقال ( اللهم قه عذاب القبر وفتنة القبر ) وهذا القول موافق لقول من قال : إنهم يمتحنون في الآخرة ، وأنهم مكلفون يوم القيامة، كما هو قول أكثر أهل العلم وأهل السنة من أهل الحديث والكلام ، وهو الذي ذكره أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة واختاره ، وهو مقتضى نصوص الأمام أحمد







ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب أن الملائكة تسأل العبد المؤمن في قبره فيحسن الإجابة وعند ذاك (ينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له بابا إلى الجنة ، قال : فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مد بصره ، قال : ويأتيه[ وفي رواية : يمثل له ] رجل حسن الوجه ، حسن الثياب ، طيب الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسرك، [ أبشر برضوان من الله ، وجنات فيها نعيم مقيم] هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول له : [ وأنت فبشرك بخير ] من أنت ؟ فوجهك الذي يجيء بالخير ، فيقول : أنا عملك الصالح ، [ فوالله ما علمتك إلا كنت سريعا في طاعة الله ، بطيئا في معصية الله، فجزاك الله خيرا ]، ثم يفتح له باب من الجنة ، وباب من النار ، فيقال : هذا منزلك لو عصيت الله ، أبدلك الله به هذا ، فإذا رأى مافي الجنة ، قال : رب عجل قيام الساعة ، كيما أرجع إلى أهلي ومالي ، [ فيقال له اسكن ])

وذكر صلوات الله وسلامه عليه أن العبد الكافر أو الفاجر بعد أن يسيء الإجابة ( ينادي مناد في السماء أن كذب عبدي ، فافرشوا له من النار ، وافتحوا له بابا إلى النار ، فيأتيه من حرها وسمومها ، ويضيق عليه في قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ، ويأتيه ( وفي رواية : يمثل له ) رجل قبيح الوجه ، قبيح الثياب ، منتن الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسوؤك ، هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول [ وأنت فبشرك الله بالشر ] ، من أنت ؟ فوجهك الذي يجيء بالشر ، فيقول : أنا عملك الخبيث، [ فوالله ما علمتك إلا كنت بطيئا عن طاعة الله ، سريعا إلى معصية الله] ، [ فجزاك الله شرا ، ثم يقيض الله له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة ، لو ضرب بها جبل كان ترابا ، فيضربه حتى يصير ترابا ، ثم يعيده كما كان ، فيضربه ضربة أخرى ، فيصيح صيحة سمعه كل شيء إلا الثقلين ، ثم يفتح له باب من النار ، ويمهد من فرش النار ] ، فيقول : رب لا تقم الساعة )



وفي حديث أنس رضي الله عنه أن العبد إذا أجاب الإجابة الصادقة في قبره ( يقال له : انظر إلى مقعدك من النار ، أبدلك الله به مقعدا من الجنة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : فيراهما جميعا ، قال قتادة : وذكر لنا أنه يفسح له في قبره ) ، وذكر في حديث أنس أن الكافر والمنافق بعد أن يجيب في قبره تلك الإجابة الكاذبة يقال له : ( لا دريت ولا تليت ، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه ، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين ) أخرجه البخاري ومسلم ولفظ الحديث للبخاري

وروى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة ) رواه البخاري

وفي سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن الملكين يقولان للعبد المؤمن بعد أن يجيب الإجابة السديدة ( قد كنا نعلم أنك تقول ذلك ، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين ، ثم ينور له فيه ، ثم يقال له : نم ، فيقول : أرجع إلى أهلي فأخبرهم ، فيقولان : نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه ، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك ) ، وأنهما يقولان للمنافق ( قد كنا نعلم أنك تقول ذلك ، فيقال للأرض : التئمي عليه ، فتلتئم عليه ، فتختلف أضلاعه ، فلا يزال معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك ) رواه الترمذي بإسناد حسن



وقال القرطبي : قال أبو محمد عبدالحق : اعلم أن عذاب القبر ليس مختصا بالكافرين، ولا موقوفا على المنافقين ، بل يشاركهم فيه طائفة من المؤمنين ، وكل على حاله من عمله ، وما استوجبه من خطيئته وزللــه

[color:a10a=black:a10a]

الأسباب التي يعذب بها أصحاب القبور على قسمين : مجمل ومفصل ، أما المجمل فإنهم يعذبون على جهلهم بالله ، وإضاعتهم لأمره وارتكابهم معاصيه. وأما المفصل فإن النصوص ذكرت منه الكثير ، وسنشير إلى ما ورد ذكره في الأحاديث ومنها


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://attig.editboard.com
elhocine
المدير العام
المدير العام
elhocine


ذكر عدد الرسائل : 1049
العمر : 115
الدولــــــــــة : 0
دعــــــــاء : البرزخ 15781610
رسائل لكل العباد : اعملوا فكل ميسر لما خلق له (حديث)


الإنسان بالتفكير والله بالتدبير
نقاط : 1
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/04/2007

البرزخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: البرزخ   البرزخ Emptyالجمعة يونيو 01, 2007 3:10 pm

[color=green]أولا: عدم الاستتار من البول ، والنميمة:

روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين ، فقال : إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، ثم قال : بلى ، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله ، ثم قال : ثم أخذ عودا رطبا فكسره باثنتين ، ثم غرز كل واحد منهما على قبر ، ثم قال : لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا ) رواه البخاري واللفظ له

وروى النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( دخلت عليّ امرأة من اليهود ، فقالت : إن عذاب القبر من البول ، فقلت : كذبت ، فقالت : بلى ، إنا لنقرض منه الجلد والثوب ، فخرج رسول اله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ، وقد ارتفعت أصواتنا ، فقال / ما هذا ؟ فأخبرته بما قالت : فقال : صدقت . قالت: فما صلى بعد يومئذ إلا قال دبر كل صلاة : رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل أعذني من حر النار وعذاب القبر) رواه النسائي . وهذا الذي أشار إليه الحديث من أن بني إسرائيل كانوا يقرضون من البول الجلد والثوب _ هو من الدين الذي شرعه الله لهم ، ولذلك لما نهاهم من نهاهم عن فعل ذلك عذب في قبره بسبب نهيه ، في حديث عبدالرحمن بن حسنة أن رسول الله صلى الله عليه سلم قال : ( ألم تعلموا ما لقي صاحب بني اسرائيل ، كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول منهم ، فنهاهم عن ذلك ، فعذب في قبره ( رواه الترمذي وابن ماجه . وعن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( تنزهوا من البول ، فإن عامة عذاب القبر منه ) ورواه ابن عباس بلفظ ) عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا منه ) ورواه أبو هريرة لفظ ( أكثر عذاب القبر من البول ) ، قال عنه الشيخ الألباني : صحيح ، وعزا رواية أنس إلى الدار قطني ورواية ابن عباس إلى الدار قطني والحاكم والبزار والطبراني



ثانيا : الغلول

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أهدى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما يقال له :مدعم، فبينما مدعم يحط رحلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصابه سهم عائر ، فقتله ، فقال الناس: هنيئا له الجنة ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( كلا ، والذي نفسي بيده ، إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم ، لتشتعل عليه نارا ) ، فلما سمع ذلك الناس جاء رجل بشراك أو شراكين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( شراك من نار ، أو شراكين من نار ) متفق عليه . وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال : كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة ، فمات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( هو في النار ) فذهبوا ينظرون فوجدوا عباءة قد غلّها ) رواه البخاري



ثالثا: الكذب ، هجر القرآن ، الزنا ، الربا

‏عن ‏ ‏سمرة بن جندب ‏ ‏قال ‏‏كان النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه فقال من رأى منكم الليلة رؤيا قال فإن رأى أحد قصها فيقول ما شاء الله فسألنا يوما فقال هل رأى أحد منكم رؤيا قلنا لا قال ‏ ‏لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى ‏ ‏الأرض المقدسة ‏ ‏فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده ‏ ‏كلوب ‏ ‏من حديد ‏ ‏قال بعض أصحابنا عن ‏ ‏موسى ‏ ‏إنه يدخل ذلك ‏ ‏الكلوب ‏ ‏في شدقه ‏ ‏حتى يبلغ قفاه ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك ‏ ‏ويلتئم ‏ ‏شدقه هذا فيعود فيصنع مثله قلت ما هذا قالا انطلق فانطلقنا حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه ورجل قائم على رأسه ‏ ‏بفهر ‏ ‏أو صخرة ‏ ‏فيشدخ ‏ ‏به رأسه فإذا ضربه ‏ ‏تدهده ‏ ‏الحجر فانطلق إليه ليأخذه فلا يرجع إلى هذا حتى ‏ ‏يلتئم ‏ ‏رأسه وعاد رأسه كما هو فعاد إليه فضربه قلت من هذا قالا انطلق فانطلقنا إلى ثقب مثل ‏ ‏التنور ‏ ‏أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نارا فإذا اقترب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها وفيها رجال ونساء عراة فقلت من هذا قالا انطلق فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم على وسط النهر ‏. ‏قال ‏ ‏يزيد ‏ ‏ووهب بن جرير ‏ ‏عن ‏ ‏جرير بن حازم ‏ ‏وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في ‏ ‏فيه فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في ‏ ‏فيه بحجر فيرجع كما كان فقلت ما هذا قالا انطلق فانطلقنا حتى انتهينا إلى روضة خضراء فيها شجرة عظيمة وفي أصلها شيخ وصبيان وإذا رجل قريب من الشجرة بين يديه نار يوقدها فصعدا بي في الشجرة وأدخلاني دارا لم أر قط أحسن منها فيها رجال شيوخ وشباب ونساء وصبيان ثم أخرجاني منها فصعدا بي الشجرة فأدخلاني دارا هي أحسن وأفضل فيها شيوخ وشباب قلت طوفتماني الليلة فأخبراني عما رأيت قالا نعم أما الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يحدث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة والذي رأيته ‏ ‏يشدخ ‏ ‏رأسه فرجل علمه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه بالنهار يفعل به إلى يوم القيامة والذي رأيته في الثقب فهم الزناة والذي رأيته في النهر آكلوا الربا والشيخ في أصل الشجرة ‏ ‏إبراهيم ‏ ‏عليه السلام ‏ ‏والصبيان حوله فأولاد الناس والذي يوقد النار ‏ ‏مالك ‏ ‏خازن النار والدار الأولى التي دخلت دار عامة المؤمنين وأما هذه الدار فدار الشهداء وأنا ‏ ‏جبريل ‏ ‏وهذا ‏ ‏ميكائيل ‏ ‏فارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا فوقي مثل السحاب قالا ذاك منزلك قلت دعاني أدخل منزلي قالا إنه بقي لك عمر لم تستكمله فلو استكملت أتيت منزلك ‏. رواه البخاري



حبس المدين في قبره بدينه:

ومما يضر الميت في قبره ما عليه من دين، فعن سعد بن الأطول رضي الله عنه ( أن أخاه مات وترك ثلاثمائة درهم وترك عيالا قال : فأردت أن أنفقها على عياله ، قال : فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم إن أخاك محبوس بدينه فاذهب فاقض عنه ، فذهبت فقضيت عنه ثم جئت قلت : يا رسول الله قد قضيت عنه ولم يبق إلا امرأة تدعي دينارين وليست لها بينة قال : أعطها فإنها صادقة ) أخرجه أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح . وجاء في حديث آخر ( إن فلانا مأسور بدينه عن الجنة فإن شئتم فافدوه ، وإن شئتم فأسلموه إلى عذاب الله) وهذا الحديث صحيح ورد بأكثر من وجه



عذاب الميت ببكاء الحي:

عندما طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دخل عليه صهيب يبكي ، ويقول : وا أخاه ، وا أصاحباه ، فقال عمر رضي الله عنه : يا صهيب أتبكي عليّ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه ( رواه البخاري

وقد ذهب القرطبي إلى أن الميت يعذب ببكاء الحي إذا كان البكاء من سنة الميت واختياره وأوصى به كما قال
إذا أنا مت فانعني بما أنا أهله **** وشق عليّ الجيب يا ابنة معبد


وقد كان النوح ولطم الخدود وشق الجيوب من شأن أهل الجاهلية وكانوا يوصون أهلهم بالبكاء عليهم ، وإشاعة النعي في الأحياء . وينبغي أن ينبه هنا إلى لفظ البخاري ، فقد جاء فيه (( يعذب ببعض بكاء أهله عليه )) ولا يعذب بكل البكاء ، فالبكاء الذي تدمع فيه العين ، ولا شق ولا لطم ، لا يؤاخذ صاحبه به إن شاء الله . وقد ذهب ابن تيمية إلى أن الميت يعذب ببكاء الحي، وخالف مذهب القرطبي في ذلك ، وبين ابن تيمية في ختام توضيحه لهذه المسألة أن ما يصيب الميت المؤمن من عذاب في قبره بما نيح عليه يكفرالله به عن سيئاته

الذي ينجي المرء من عذاب القبر بإذن الله هو أن يكون مستعدا للموت مشمرا له ، حتى إذا فاجأه الموت لم يعض أصبع الندم ، ومن الاستعداد للموت الإسراع في التوبة ، وقضاء الحقوق ، والإكثار من الأعمال الصالحة ، فإن الإيمان والصلاة والصوم والزكاة والحج والجهاد وبر الوالدين وصلة الأرحام ، وذكر الله عز وجل وغيرها من الأعمال تحفظ العبد المؤمن ، وبها يجعل الله له من كل ضيق فرجا ، ومن كل هم مخرجا

وقد أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام أن الأعمال الصالحة تحرس الإنسان في قبره ، يقول ابن تيمية( في الحديث المشهور حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه أبو حاتم في صحيحه ، وقد رواه الأئمة قال : ( إن الميت ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه ، فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه ، وكان الصيام عن يمينه ، وكانت الزكاة عن يساره ، وكان فعل الخيرات من الصدق والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه ، فيؤتى من عند رأسه فتقول الصلاة : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن يمينه ، فيقول الصيام: ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن يساره ، فتقول الزكاة : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى من قبل رجليه ، فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والإحسان إلى الناس : ما قبلي مدخل ، فيقال له : اجلس ، قد مثلت له الشمس وقد دنت للغروب ، فيقال له : ما هذا الرجل الذي كان فيكم ، ما تقول فيه ؟ فيقول : دعوني ، حتى أصلي ، فيقولون : إنك ستفعل، أخبرنا عما نسألك عنه ، فقال : عم تسألوني ؟ فيقولون : ما تقول في هذا لرجل الذي كان فيكم ، ما تشهد به ؟ فيقول : أشهد أنه رسول الله وأنه جاء بالحق من عند الله ، فيقال: على ذلك حييت ، وعلى ذلك مت ، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله تعالى، ثم يفتح له بابا من أبواب الجنة ، فيقال له : ذلك مقعدك منها، وما أعد الله لك فيها ، فيزداد غبطة وسرورا ، ثم يفتح له بابا من أبواب النار ، فيقال : ذلك مقعدك منها ، وما أعد الله لك فيها [ لو عصيت الله ] ، فيزداد غبطة وسرورا ، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا ، وينور له فيه ، ويعاد جسده كما بدئ ، وتجعل نسمته في نسم الطيب ، وهي طير تعلق في شجر الجنة )



الاستعاذة بالله من عذاب القبر

لما كانت فتنة عذاب القبر من الأهوال الكبار ، والشدائد العظيمة ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من ذلك في صلاته وفي غير الصلاة ، وكان يأمر أصحابه بذلك. فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعوا فيقول : ( اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل ، والجبن والبخل والهرم ، وأعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ) رواه أحمد، وعن عائشة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم ، ومن فتنة القبر ، وعذاب القبر ... ) ، عزاه الألباني في صحيح الجامع إلى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه ) تعوذوا من عذاب القبر ) ، فيقولون : ( نعوذ بالله من عذاب القبر ) روام مسلم . وكان يقول لهم: ( استجيروا بالله من عذاب القبر ، فإن عذاب القبر حق ) رواه الطبراني . وكان يأمرهم أن يستعيذوا من أربع فيقول ( استعيذوا بالله من عذاب القبر، استعيذوا بالله من جهنم ، استعيذوا بالله من فتنة المسيح الدجال ، استعيذوا بالله من فتنة المحيا والممات ) ، عزاه في صحيح الجامع إلى الترمذي والنسائي

وكان يأمرهم بالاستعاذة في الصلاة بعد التشهد من عذاب القبر ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع . يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال) رواه مسلم

بعض المؤمنين من الذين قاموا بأعمال جليلة ، أو أصيبوا بمصائب كبيرة يأمنون فتنة القبر وعذابه ، ومن هؤلاء

أولا: الشهيد: فقد روى المقدام بن معدي كرب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( للشهيد عند الله ست خصال : يغفر له في أول دفعة ، ويرى مقعده في الجنة ، ويجار من عذاب القبر ، ويأمن الفزع الأكبر ، ويوضع على رأسه تاج الوقار ، الياقونة منها خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ، ويشفع في سبعين من أقربائه ) رواه الترمذي وابن ماجه . وروى النسائي في سننه عن راشد بن سعد عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال : ( يا رسول الله ! ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد ؟ قال كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة ) وسنده صحيح

ثانيا: الذي مات مرابطا في سبيل الله : فقد روى فضالة بن عبيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله؟ فإنه ينمي له عمله يوم القيامة ، ويأمن فتنة القبر ( رواه الترمذي وأبو داود



ثالثا: الذي يموت يوم الجمعة : ففي الحديث عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( مامن مسلم يموت يوم الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر ) رواه أحمد والترمذي ، والحديث صحيح بمجموع طرقه أو حسن

رابعا : الذي يموت بداء البطن[color:5ae5=green:5ae5]: وقد ثبت في حديث يرويه عبدالله بن يسار قال ( كنت جالسا وسليمان بن صرد بن وخالد بن عرفطه ، فذكروا أن رجلا توفي ، مات ببطنه ، فإذا هما يشتهيان أن يكونا شهدا جنازته ، فقال أحدهما للآخر : ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يقتله بطنه فلن يعذب في قبره)؟ فقال الآخر: بلى ، وفي رواية: صدقت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://attig.editboard.com
 
البرزخ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلامنا اولا :: القسم الاســــــلامي :: المواضيع الإسلامية الدينية-
انتقل الى: