بسم الله الرحمن الرحيم
قال الدكتور الخن:
{ إن الصحابة بعد وفاة عمر (ابن الخطاب) انساحوا في الآفاق، فصار غير ميسور للخليفة أن يجمع هؤلاء الرؤوس كلما عرضتْ مشكلة ليس فيها نص من القرآن أو السُّنة، ولقد أصبح كل صحابي يفتي الناسَ فيما يعرض لهم، ومن نتائج ذلك أن يقع اختلاف بينهم .
وهكذا ترى أن الاختلاف في هذا الدور لم يكن مطرداً يسيرُ على نسق واحد، بل كان يتسع كلما تقدم الزمان .
وكان لاختلافهم أسباب كثيرة نبرز أهمها فيما يلي :
ــ تفاوتهم (أي الصحابة) في الاطلاع على السُّنّة : فإن السنّة لم تكن مدوَّنة، ولم تجتمع الكلمة على مجموعة منها تُنشر بين المسلمين لتكون مرجعاً لهم، فربَّما اطَّلع مَن في دمشق على ما لم يطَّلع عليه مَن في مصر، واطَّلع مَن في العراق على ما لم يطَّلع عليه مَن في الحجاز، فكان كلٌّ يفتي بما وصل إليه علمه، فكان هذا سبباً من أسباب الاختلاف في الفقه.
ــ عدم قطعيَّة الدلالة : فقد كان من النصوص القرآنية أو الحديثية ما هو غير قطعي الدلالة، فكان كلُّ مجتهد يفسر ذلك النص على حسب ما تُرَجَّحُ عنده، كما في مسألة القرء، فقد ذهب عمر (ابن الخطاب) إلى أن القرء الحيض، وذهب زيد بن ثابت (كاتب القرآن) إلى أنه الطهر .
ــ اختلاف البيئات والمصالح والحاجات : فكان كل مجتهد يفتي على حسب ما يواجهه، وما يقدّره من المصالح، كما في تقسيم الفيء، فقد كان أبو بكر (الصديق) يقسّم المال بين الناس على السواء، بينما كان عمر (ابن الخطاب) يفضل بين الناس في العطاء ويقول : لا أجعل مَن قاتل رسولَ الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ كمَن قاتل معه. (1)} (2)
[/center]