بتاريخ 22/6/1993 وضع بعض الشباب المسلم عبوة ناسفة تحت جسر يؤدي إلى منطقة البلمند (شمال لبنان)، مستهدفين مطارنة صرب كانوا يحضرون مؤتمراً في جامعة البلمند، وكانت صربيا –آنذاك- تشنّ حرب إبادة على مسلمي البوسنة والهرسك. العبوة انفجرت بواضعيها فاستشهد أحدهم وأصيب آخر إصابات خطرة مازال يعاني آثارها حتى اليوم. في ذلك الوقت لم يكن هناك لاتنظيم للقاعدة، ولافتح إسلام، ولم يكن الرئيس الأميركي قد أعلن حربه الصليبية على الإسلام بعد. وكان منفّذو العملية يريدون الانتقام "لإخوانهم" المسلمين في البوسنة والهرسك.في العام 1996 قام مجموعة من الشبان الذين تعرضوا لمضايقات واعتداءات وإهانات مستمرة من أفراد جمعية الأحباش، قاموا بتدبير اغتيال رئيس الجمعية الشيخ نزار حلبي، ألقي القبض على منفذي العملية، أعدم ثلاثة منهم وحكم بالسجن المؤبد على اثنين من المساعدين لهم. قامت بعدها الأجهزة الأمنية (بأوامر من أصحاب الوصاية) باعتقال المئات من الشباب المسلم وتعذيبهم قبل إطلاق سراحهم.
في صبيحة الألفية الثالثة اندلعت اشتباكات بين مسلحين في جرود الضنية والجيش اللبناني، كانت نتيجة هذه المواجهات سقوط عشرات الشهداء من أفراد الجيش اللبناني والمسلحين. وقد لجأ المسلحون إلى جرود الضنية هرباً من بطش الأجهزة الأمنية التي كانت تعتقل وتعذب من تشاء دون من يرفع الصوت في مواجهتها. لكن هذا لاينفي أن بعض من كان معهم اختزن مخططاً لو نفّذه لورط الساحة الإسلامية بأكملها، وهو نجح باستغلال حالة القهر التي يعانيها الشباب المسلم وحاول استخدامهم في تنفيذ مخططه الذي باء بالفشل بفضل الله. هو كلام قد لايعجب الكثيرين لكنه الحقيقة.
في العام 2001 ألقت الأجهزة الأمنية القبض على شبكة عُرفت بشبكة "الماكدونالد"، وهي كانت تستعد لوضع عبوة زنتها 100 كلغ من "التي أن تي" في مطعم الماكدونالد في منطقة الدورة ببيروت، تعبيراً عن احتجاج أفراد هذه الشبكة على الغزو الأميركي لأفغانستان (حينها). وكان متوقعاً سقوط مئات الضحايا نتيجة هذا التفجير لو حصل، ولكن الله سلّم.[/ في أيلول من العام 2004 ألقت الأجهزة الأمنية القبض على شبكتيْن "إرهابيتيْن"، قيل أن الأولى كانت تخطط لتفجير السفارتيْن الايطالية والاوكرانية وبعض المراكز الأمنية اللبنانية، فيما الثانية "كانت تعمل على تجنيد شباب أصوليين للقيام بعمليات ضد قوات التحالف(؟!) في العراق". مارست الأجهزة الأمنية في سبيل انتزاع الاعترافات من الموقوفين كل ما تفتقت عنه إبداعاتهم من صنوف التعذيب والإهانة، سواء كانت اعترافات صحيحة أم ملفقة، الأمر الذي أدى لاستشهاد الموقوف إسماعيل الخطيب تحت التعذيب.
يوم 5 شباط 2005 وقعت أحداث يحلو للبعض تسميتها بـ "غزوة الأشرفية"، هي أحداث غُلّفت بإطار نصرة النبي الأكرم بعد نشر الرسوم المسيئة بحقه، لكنها شكلت –بكل أسف- تنفسياً عن حالة الاحتقان واليأس التي يعيشها –ومازال- الشارع الإسلامي.
في شهر نيسان من العام الماضي ألقت الأجهزة الأمنية القبض على شبكة اتهمت أفرادها بالتخطيط لاغتيال السيد حسن نصرالله. ومازالت القضية ماثلة أمام القضاء العسكري لم يبت فيها بعد.
من كل ما سبق لم أرد نكأ الجراح ولا جلد الذات، إنما أردت الدلالة على أن الأحداث الدامية والمؤسفة التي جرت (أدعو الله أن يكون استعمالي الفعل الماضي وليس المضارع هو الصحيح) بين عناصر فتح الإسلام والجيش اللبناني، إنما هي حلقة في مسلسل انفلات الشارع الإسلامي اللبناني، وغياب المرجعية التي تحضنه وتوجّهه وترعاه، وتحرص على مصلحته وتحفظ كرامته.
فتح الإسلام لم تدخل لبنان بالعنف ولا بإكراه أهله، إنما هي وجدت الأرض خصبة لاستقبالها والترحيب بها. مستغلّة حالة اليأس والقهر التي يعانيها أبناء الساحة الإسلامية منذ عهد الوصاية السورية حتى الآن –على الرغم من زوال هذه الوصاية قبل أكثر من سنتيْن-. قد يكون ما قاله أبو سليم طه (المتحدث باسم فتح الإسلام) عبر وسائل الإعلام من أن غايتهم "رفع الغبن والظلم اللاحق بأهل السنة في لبنان" أثار سخرية البعض، لكن بالقليل من التأمل قد نجد بعض صدق فيما يقول.
انني أحذّر الأجهزة الأمنية.. نعم أحذرها من أن الاستمرار في قمع أبناء هذه الساحة والبطش بهم، لاسيما في أعقاب الأحداث الجارية، فإن هذا القمع سيؤسّس لفتح إسلام أخرى، ربما تكون أشد عوداً وتجذراً في الساحة اللبنانية، وتكون المهمة حينها أصعب ونتائجها أكثر سوءاً.
