elhocine المدير العام
عدد الرسائل : 1049 العمر : 115 الدولــــــــــة : 0 دعــــــــاء : رسائل لكل العباد : اعملوا فكل ميسر لما خلق له (حديث)
الإنسان بالتفكير والله بالتدبير نقاط : 1 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 04/04/2007
| موضوع: الخشية من الله السبت مايو 19, 2007 3:26 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ : السلام عليكم و رحمته تعالى و بركاته فيا رب مال غير لطفك ملجــــأ **** ولعلني عـن بابه لا أطـرد يا رب هب لي توبة أقضي بها **** دين علي به جلالك يشـهـد أنـت الخبير بحال عبدك إنـــــه **** بسلاسل الوزر الثقيل مقـيد أنت المجيب لكل داع يلتجــــي **** أنت المجيد لكل من يستنجـد من أي بحر غير بحرك نستقي **** ولأي باب غير بابك نقصـد معاشر القراء : " لما طعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ و قربت وفاته ، و كان دمه يسيل و قد جاءوه بلبن يشربه ، فخرج اللبن مع الدم الذي يسيل منه ، و لما سقط على الأرض من أثر الطعنة ، جاءه ابنه عبد الله بحجر وضعه تحت رأسه يسنده به ، فلما أفاق عمر ـ رضي الله عنه ـ و وجد تحت رأسه حجرا قال لابنه : ويلك .. ضع خدي على الأرض لا أم لك ، وويلي و يلي إن لم يرحمني ربي .. ضع رأسي على الأرض و اجعل خدي على التراب فلعل الله ينظر إلي و أنا في هذه الذلة فيغفر لي ، فقال له ابن عباس : * ما هذا الخوف يا أمير المؤمنين و قد فتح الله بك الفتوح و مصر بك الأمصار و فعل بك و فعل ؟؟ ، فقال عمر : وددت أن أنجو لا لي و لا علي …، فقالوا له : يا أمير المؤمنين إن الله قد أعد لك من الثواب ما تعجز عن وصفه الألسن و لا تدركه العقول ، فلقد فتحت البلاد و مصرت الأمصار و انتشر الإسلام على يديك ؟ ، فقال لهم : إن المغرور من غررتموه ، خذوا فتوحاتي كلها و خذوا أعمالي كلها ، و أعطوني ليلة من ليالي أبي بكر و يوما من أيامه ؟ ، فقالوا له : و ما تلك الليلة و ما هذا اليوم ؟ ، فقال لهم : أما الليلة .. إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا … و أما اليوم .. يوم الردة ، يوم أن وقف في وجه المرتدين ، ثم يبكي عمر و يقول : يا ليتني شعرة في صدر أبي بكر ، يا ليتني شعرة في صدر أبي بكر ..، ليت أمي لم تلدني ، ليتني لم أك شيئا ؟؟؟؟ " . فما الذي أبكى الفاروق ؟؟ إنها الخشية من الله . و الخشية هي خوف يشوبه تعظيم المخوف ، قال سعيد بن جبير : " الخشية هي التي تحول بينك و بين معصية الله " . و قال أحد الصالحين : " ما فارق الخوف قلبا إلا خرب " . و قال الفضيل بن عياض : " من خاف الله عز وجل دله الخوف على كل خير و أبعده عن كل شر " . و قال يحي بن معاذ : " مسكين ابن آدم لو خاف النار كما يخاف الفقر دخل الجنة " . و لهذا لما سئل ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن الخائفين من الله قال : " قلوبهم بالخوف فرحة و أعينهم باكية ، يقولون : كيف نفرح و الموت وراءنا ، و القبر أمامنا و القيامة موعدنا ، و على جهنم طريقنا و بين يدي الله موقفنا " . معاشر القراء : و هناك فرق جلي بين الخوف و الخشية ، فالخوف هو خشية سببها ذل الخاشي ، و الخشية خوف سببه عظمة المخشي ، و لذلك كان العلماء بالله أكثر خشية لأنهم عرفوا عظمة الله فخافوه لا لذل بل لعظمة جانب الله . معاشر القراء : لا تعتقدوا أبدا أن الخشية من صفات البشر فحسب و إنما هي صفة كثير من المخلوقات : أولا : الخشية من الله من صفات الملائكة : قال الله تعالى : (( يعلم ما بين أيديهم و مـا خـلـفـهـم و لا يشفعون إلا لمن ارتضى و هم من خشيته مشفقون )) الأنبياء 28 . و قد روي أن النبي و جبريل ـ عليهما السلام ـ بكيا خوفا من الله تعالى ، فأوحى الله إليهما : (( لـم تبكيان و قد أمنتكما ؟ )) فقالا : (( و من يأمن مكرك )) . و في ليلة الإسراء و المعراج سأل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ جبريل ـ عليه السلام ـ : (( ما لي أرى ميكائيل لا يضحك ؟ )) ، فقال : (( ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار )) . هذا هو حال الملائكة الذين أخبر الله عنهم أنهم يسبحون الليل و النهار و لا يفترون ، بعضهم قائم و بعضهم ساجد و بعضهم راكع ، فإذا قامت القيامة قالوا كلهم بلسان واحد : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك . ثانيا : الخشية من الله من صفات الأنبياء : قال الله تعالى : (( الذين يبلغون رسالات الله و يخشونه و لا يخشون أحدا إلا الله و كفى بالله حسيبا )) الأحزاب 39 . و يقول الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ : (( و الله إني لأخشاكم لله و أتقاكم له )) البخاري . و يقول أيضا : (( أنا أخوفكم لله )) البخاري ، و يقول : (( اللهم ارزقني عينين هطالتين تشفيان القلب بذروف الدمع قبل أن تصير الدموع دما )) الطبراني . و عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا )) . ثالثا : الخشية من صفات المؤمنين : قال الله تعالى : (( إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ، و الذين هم بآيات ربهم يؤمنون ، و الذين هم بربهم لا يشركون ، و الذين يؤتون ما آتوا و قلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ، أولئك يسارعون في الخيرات و هم لها سابقون )) المؤمنون 57 -61 . و قال تعالى : (( إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ، جزاؤهم عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ، رضي الله عنهم و رضوا عنه ، ذلك لمن خشي ربه )) البينة . و قال الله تعالى : (( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم )) الزمر 23 . و قال تعالى : (( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم و إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا و على ربهم يتوكلون ..)) . و في الحديث : (( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، من هؤلاء السبعة : و رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ..)) . و يقول الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ مفتخرا بخشيته من الله دون سواه : أنا إن عشت لست أعدم قوتا **** و إن مت لست أعدم قبـرا همتي همة الملوك و نفســي **** نفس حر ترى المذلة كفرا معاشر القراء : و السؤال الذي يطرح نفسه : ما هي أسباب الخشية من الله ؟ 1-العلم بالله : أهل الخشية هم أهل العلم الحقيقي النافع الموصل إلى سعادتي الدارين ، قال الله تعالى : (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) ، و مما ورد في هذه الآية : إنما : كلمة تحقيق تجري من وجه مجرى التحديد ، أي التخصيص و القصر ، فمن فقد العلم بالله فلا خشية له من الله . يقول أبو بكر الوراق : * من صحت معرفته بالله ظهرت عليه الهيبة و الخشية * ، و لقد كان الرسول الكريم أعلم الناس بربه و لذلك كان أخشى الناس لجلاله فقال : (( ... إني لأعلمهم بالله و أشدهم له خشية و قال : (( أما و الله إني لأخشاكم لله و أتقاكم له )) ، و كان من دعائه : (( اللهم أقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا و بين معاصيك ..)) . 2-ذكر الذنوب الكثيرة : و التي من أخطارها أنها سبب الحرمان من العلم ، لأن العلم نور يقذفه الله في القلب و المعصية تطفىء ذلك النور ، قال نوح لقومه لما عصوه : (( و لكني أراكم قوما تجهلون )) ، و قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ (إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه )) و قال الشافعي : شكوت إلى وكيع سوء حفظي **** فأرشدني إلى ترك المعاصـــي و أخبرني أن علم الله نـــــــور **** و نور الله لا يهدى إلى عاص 3- ذكر شدة العقوبة بين يدي الله : قال الله تعالى : (( فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى )) ، (( كلا إنها لظى نزاعة للشوى ..)) ، (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم مصيبة أو يصيبهم عذاب شديد )) ، (( إن بطش ربك لشديد )) ، ..إلخ . 4- تذكر الموت و سكراته و القبر و عذابه أو نعيمه : و القيامة و أهوالها ، و الموقف و كربته ، و الصراط و زلته ، و النهاية إما إلى الجنة أو النار ، و تعجبني حكمة أبي الدرداء إذ يقول : ** أضحكني ثلاثة و أبكاني ثلاثة : أضحكني مؤمل دنيا و الموت يطلبه ، و غافل ليس بمغفول عنه ، و ضاحك ملء فيه و هو لا يدري أراض عنه ربه أم غضبان عليه ، و أبكاني : هول المطلع ، و انقطاع العمل ، و موقف بين يدي الله لا أدري أيذهب بي إلى الجنة أم النار )) . نماذج عن الخشية : • أبو بكر الصديق خليفة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثاني اثنين و أحد المبشرين بالجنة ، الذي لو وزن إيمانه بإيمان الأمة لرجح إيمانه ، و مع كل هذا يرى ذات يوم طيرا يطير فيقول : " طوبى لك يا طير و الله لوددت أني كنت مثلك تقع على الشجر و تأكل من الثمر ، ثم تطير و ليس عليك حساب و لا عقاب " . •عمر بن الخطاب اشتهر بأن كان في وجهه خطان أسودان من كثرة الدموع ، و كان يقول: " ليتني لم أخلق ، ليتني لم أكن شيئا مذكورا ، ليت أمي لم تلدني ؟؟" • عثمان بن عفان كان يقول : " وددت أني إذا مت لم أبعث " •عائشة كانت تقول : " وددت أني كنت نسيا منسيا " •عمر بن عبد العزيز كان يبكي و عندما قيل له لماذا تبكي ؟ قال : " ذكرت منصرف القوم بين يدي الله فريق في الجنة و فريق في السعير " ، ثم سقط مغشيا عليه . • و كان ابن السماك يعاتب نفسه و يقول : " تقولين قول الزاهدين ، و تعملين عمل المنافقين ، و مع ذلك الجنة تطلبين ، هيهات هيهات للجنة قوم آخرين ، لهم أعمال غير ما أنت تعملين " .
| |
|